الصيام قلنا: التنبيه لا يحصل في بالشيء إلا على ما يماثله ويشاكله والإطعام نظير الإعتاق لأن الكل واحد يحصل في زمان قصير فأما الصوم فلا يحصل إلا في شهرين ولا يقع التنبيه عليه بالعتق كما يقع على الإطعام فإذا ثبت هذا يجوز أن يكفر بالإطعام متواليًا ومتفرقًا لظاهر الآية، فإن فرق ثم قدر على الصوم في أثنائه لم يلزمه العود إلى الصوم كما ذكرنا في الصوم إذا قدر في أثنائه على العتق نص عليه في "الأم".
فرع
إذا وطئ في خلال الإطعام لم يلزمه الاستئنافن وبه قال أبو حنيفة. وقال مالك: يلزمه الاستئناف لأنه وطئ في أثناء الكفارة فيلزمه الاستئناف، كما لو طئ في خلال الصيام وهذا غلط لأن وجود الوطئ لا يبطل ما فعله من الإطعام ويبطل الصوم حتى لو كان في الليل لا يبطل عندنا.
مسألة: قال: "ولو أعطى مسكينًا مدًا عنْ ظهارهِ، ومَدًا عن يمينهِ [١٧٠/ أ] أجزأهُ".
إذا وجبت عليه كفارتان فدفع مدين إلى مسكين واحد؛ مدًا عن هذا ومدًا عن هذا أجزأه لأنه قد وجد العدد والطعام المقدور في كل واحدة من الكفارتين، وإن أعطي من كفارة واحدة لم يجز، وعليه أن يعيد أحد المدين، وهل يرجع به عليه نظر، وإن كان مطلقًا لم يرجع، وإن شرط من كفارة واحدة يرجع.
فرع
لو دفع ستين مدًا إلى مائة وعشرين مسكينًا إلى كل مسكين نصف مد يجزيه ذلك النصف المد، وعليه أن يتمم ذلك مدًا، مدًا لستين مسكينًا منهم أيهم اختار، ولا يسترجع الباقي لأنه قد وقع موقعه بدليل أنه لو أراد الأمام لهم أجزأه، فلم يجز له الاسترجاع هكذا ذكر أصحابنا. وقال بعض أصحابنا: إذا شرط عليهم أنها كفارته؛ له أن يسترجع من الباقين الذين لم يتمم لهم، وهذا لأن الإجزاء تعلق بمن يغنيه منهم، فإذا عين ستين منهم لم يتعلق الإجزاء بالباقين ذكره في "الشامل" وهو الصحيح عندي. واعلم أن فيما نقله المزني إشكالًا وذلك أنه قال: لأنهما كفارتان مختلفتان؛ يعني كفارة الظهار، وكفارة اليمين. وهذا يوهم أنه لو أعطاه مدين عن يمينين لا يجوز، وبالإجماع يجوز، وإزالة هذا الإشكال أن يقال معنى قوله كفارتان مختلفتان؛ أنهما يسلم كفارة واحدة، ولم يرد أن يشترط تبايين صفة الكفارتين.
معناه أنه لا يجوز أن ينقض الكفارة فيصوم ثلاثين يومًا ويطعم ثلاثين مسكينًا لأن الله تعالى رتب هذه الكفارة، وفي هذا إثبات التجير، وفي اليمين لا يجوز أن يطعم