للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتحقق الكذب واجتماعهما عليه وهذا غلط لأن الكذب لم يتصف في واحد منهما كما لو تحالف المتبايعان لا يعزر واحد.

فرع آخر

ألفاظ اللعان ثابتة بالكتاب نصًا والعظة ووضع اليد على الفم ثابت بالسنة المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلو أتت المرأة بدل الغضب بلفظ اللعنة ولم يعتد به، ولو أتى الرجل بدل اللعن بلفظ الغضب فيه وجهان أحدهما: لا يعتد به لأنه عدل عن المنصوص عليه فأشبه إبدال الغضب باللعن، والثاني: يعتد به لأن الغضب يتضمن معنى اللعن ويزيد عليه فإن اللعن هو الطرد والإبعاد وكل مغضوب عليه مطرود.

فرع آخر

لو جاء بكلمة اللعن قبل الخامسة أو جاء بكلمة الغضب قبل الخامسة بل يعتد بها وجهان: أحدهما: يعتد بها لأن القصد التغليظ والتأكيد فلا فرق [٢٠٢/ أ] بين أن تكون أولاً أو آخرًا، والثاني: لا يعتد بها وهو الصحيح لأنه خلاف النص ولأن كلمة اللعن والغضب إن كان من الكاذبين فيما يشهد، وينبغي أن يتأخر عن كلمة الشهادة وهذا اختيار القفال.

فرع آخر

لو أتى بأكثر ألفاظ اللعان لا تتعلق بها الأحكام وينبغي أن يستوفي جميع الألفاظ بالتمام، وإن حكم الحاكم في الأكثر بالكفاية لا يجوز وينقض حكمه، وقال أبو حنيفة: إذا أتى كل واحد منهما بثلاث ألفاظ من الخمسة لا يجوز للحاكم أن يحكم بالفرقة، فإن الحكم كان مخطئًا، ونفذ حكمه وهذا غلط لأن الله تعالى ذكر الألفاظ الخمسة، والرسول صلى الله عليه وسلم لاعن بين الزوجين ولم ينقص عن الخمسة، ولأنه لو جاز الاقتصار على بعض الكلمات في اللعان وقد جعله الله تعالى بدلاً عن الشهود لجاز أن يقتصر في الزنا على ثلاثة من الشهود وأجمعنا على خلافه، وإذا قذف زوجته برجل سماه بعينه وأراد اللعان يحتاج إلى أن يذكر المرمي في لعانه كل مرة فيقول: إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا بفلان، ثم إذا سماه في لعانه هكذا سقط عنه حدها وحده جميعًا كما لو أقام البينة على زناها به. وقال أبو حنيفة: لا يذكر في لعانه ويلزمه الحد للأجنبي المرمي به ولا يسقط لعانه حال، وبه قال مالك وهذا غلط لأن هلال بن أمية قذف امرأته بشريك بن السحماء اليهودي ولم يعذره له، ولأن اللعان بينه في أحد طرفي القذف فكان بينه في الطرف الآخر كالبينة.

فإن قيل: لو سقط حد المري به بلعانه لوجب الحد لعانه أيضًا كما قلت: يجب الحد عليها بلعانه قبل اللعان إنما يوجب حدًا يمكن إسقاطه بمثله، والمرأة لا تقدر على اللعان فجاز أن يجب الحد عليها بلعانه [٢٠٢/ ب] والمرمي به لا يقدر على إسقاطه باللعان فلا يجب الحد عليه باللعان ولم يذكره في لعانه عنها، روى المزني عن

<<  <  ج: ص:  >  >>