إذا أكمل الزوج اللعان تعلقت الفرقة ونفي الولد بلعانه على ما ذكرنا ولا يجتمعان أبدًا سواء أكذب نفسه وحد أو لم يكذب نفسه ولا حد، وبه قال عمر، وعلي، وابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس رضي الله عنهم، والنخعي، والحسن، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، والحكم، ومالك، والثوري، والأوزاعي، وأبو يوسف، وإسحاق، ومحمد في رواية رحمهم الله، وقال أبو حنيفة، ومحمد: إذا أكذب نفسه وحد زال تحريم العقد وحدت له بنكاح جديد، وقال سعيد بن جبير: إذا أكذب نفسه عادت زوجته كانت، وقال سعيد بن المسيب: إن كذب نفسه وهي في العدة حلت له وإلا فلا تحل له أبدًا، وقال الحسن: إذا أكذب نفسه لا يعود النسب كما لا يرتفع التحريم وهذا غلط؛ لما روى ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المتلاعنان لا يجتمعان أبدًا، وقال سهل بن سعد رضي الله عنه: مضت السنة أن يفرق بين المتلاعنين ثم لا يجتمعان أبدًأ، وقال علي وعبد الله بن مسعود [٢٠٧/ أ] رضي الله عنهما هكذا، وقال عمر رضي الله عنه:"يفرق بينهما ولا يجتمعان أبدًا"، وروي أنه سئل ابن عمر عن المتلاعنين إذا كذب نفسها هل ينكحها؟ فقال: لا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المتلاعنان لا يجتمعان أبدًا، واحتج الشافعي فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للملاعن بعد اللعان لا سبيل لك عليها، ولم يقل حتى تكذب نفسك فلو كان الإكذاب غاية لهذه الحرمة لردها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذه الغاية كما قال تعالى في المطلقة الثلاث {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ}[البقرة: ٢٣٠]. ثم عاد الشافعي إلى كلامه الأول أن الفرقة تقع بلعان الزوج وحده فقال: ولما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش، وكانت فراشًا لم يجز أن ينفي الولد عن الفراش إلا بأن يزول الفراش ومقصوده بهذا الكلام الاحتجاج على أن قطع الفراش يحصل بلعان الزوج قبل لعانها وقبل قضاء القاضي بالطلاق.
ووجه الاحتجاج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الولد للفراش ومعقول أن الزوج إذا لاعن انتفي عنه الولد قبل لعانها وصار ملحقًا بالأم كما ألحقه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلولا أن الفراش زائل قبل لعانها لما صار الولد منتفيًا عنه فإن ارتكب الخصم فقال: لا يصير الولد منتفيًا إلا بعد لعانها قيل له: إن نفي الولد عن الزوج بيمينه والتعانه لا بيمينها ولعانها لأن الاعتبار بقوله في الإلحاق لا بقولها، ألا ترى أنها في لعانها تلحق الولد به ونحن ننفيه عنه فيعتبر، نفي الزوج لا إلحاق المرأة وهذا إذا أكذب الزوج نفسه ألحق