للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: بأن "إن" موضوعةً للفعل، فاعتبر فيه فوات الفعل بموت أحدهما، فصار كقوله: إن فاتني التزويج عليك فأنت طالق، "وإذا" موضوعة للزمان، فاعتبر فيها إمكان الزمان، فصار كقوله: إذا مضى زمان التزويج عليك، فأنت طالق، وهو فرق أكثر أصحابنا.

والثاني: ذكره أبو علي بن أبي هريرةً أن "إن" موضوعةً للشك فيما قد يكون فلم يثبت حكمها إلا بعد زوال الشك بالفوات فصارت على التراض، وإذا موضوعةً لليقين فاعتبر فيها التعجيل فصارت على الفور.

فهذان الفرقان بين "إن" و"إذا" كانا على نفي فعل فقال: إن لم أتزوج، وإذا لم أتزوج، وأما إذا كانا شرطًا في إثبات فعل، فقال؛ إن تزوجت عليك، وإذا تزوجت عليك، مهما سواء، في آن الفعل متى وجد على الفور أو على التراخي، تعلق به حكم

واستوي فيه "إن" و"إذا"؛ لأن ما تعلق بالفعل كان وجوده هو الشرط المعتبر فاستوي فيه الفور والتراخي فأما إذا جعلا شرطًا في معاوضةَ الخلع، فقال: إن أعطيتني ألفًا فأنت طالق، أو قال: إذا أعطيتني ألفًا فأنت طالق فهما سواء في اعتبار العطية على الفور، ويستوي حكم: "إن" و"إذا"؛ لأنه يغلب فيه حكم المعاوضةَ التي يعتبر الفور فيها، وذلك على ما يقضيه افتراق الحرفين. ولو قال: متى أعطيتني ألفًا فأنت طالق كان على التراض بخلاف "إن" و"إذا"؛ لأن لفظةً متى صريحةً في اعتبار الفعل فاستوي فيه حكم الفور والتراخي.

فصل:

فإذا تقرر ما وصفنا فلا يخلو حاله في يمينه هذه ومن بر أو حنث؟ فإن بر في يمينه بأن تزوج عليها على الفور في قوله: إذا لم أتزوج عليك فأنت طالق، أو على التراخي في قوله: إن لم أتزوج عليك فأنت طالق؛ كان بره معتبرًا بوجود عقد نكاح صحيح على مكافئة لها في النسب والجمال؟ أو غير مكافئةً، وقال مالك: لا يبر حتى يتزوج عليها من يكافئها في نسبها وجمالها، فإن تزوج دونها في النسب والجمال لم يبر؟ لأن قصده بيمينه إدخال الغيظ عليها، وغيظها يخص بمن يكافئها، فأما من لا يكافئها فهو نقص يدخل عليه دونها، وهذا فاسد من وجهين:

أحدهما: أن حكم الأيمان معتبر بصريح الألفاظ دون المقاصد والأغراض، والاسم موجود في الحالين فاستوي حكمهما في البر، لأنه لما استوي حكمهما في الحنث، إذا قال إن تزوجت عليك فأنت طالق، أنه متى تزوج عليها مكافئةٍ أو غير مكافئةٍ حنث كذلك وجب أن يستوي حكمهما في البر إذا قال: إن لم أتزوج عليك فأنت طالق، أنه منى تزوج عليها مكافئةٍ أو غير مكافئةٍ أن يبر، وما اعتبر من إدخال الغيظ عليها، ولو قلب عليه بأن إدخال الغيظ عليها بنكاح غير المكافئةً أكثر لكان أشبه، وإن لم يكن إدخال الغيظ عليها معتبرًا ومتى وجد العقد استمر البر، ولم يكن الدخول فيه شرطا في البر،

<<  <  ج: ص:  >  >>