للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأغنياء من المجاهدين، وأحد صنفي الغارمين والكفارةً أضيق، لأنه لا يجوز صرفها إلى غني بحال؛ ولأن المكاتب تجري عليه أحكام الرق.

وأما الكافر فلا يجوز دفع الكفارة إليه، وكذلك الزكاة سواء كان ذميًا أو حربيًا.

وقال أبو حنيفة: لا يجوز آن تصرف إليه زكاةَ المال ويجوز أن تصرف إليه الكفارةَ وزكاةَ الفطر، إن كان ذميًا أو معاهدًا؛ لأنه يجوز دفعها إليه إن كان حربيًا.

ودليلنا هو أنه لا يجوز دفع زكاة المال إليه لم يجز آن يدفع إليه الكفارة، وزكاة الفطر كالحربي ولأنه حق يخرج للطهرةً فلم يجز صرفه لأهل الذمةَ كزكاةُ المال وأما ذوو قربى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يجوز آن تصرف إليهم الزكوات ولا الكفارات، وإن جوزه أبو حنيفة فيما قدمناه، واستوفيناه والله أعلم.

مسألة:

قال الشافعي: " ولو علم انه أعطى غيرهم فعليه عندي أن يعيد".

قال في الحاوي: وهذا صحيح إذا أخطأ في دفع الزكاةً والكفارةً اعتبر حال المدفوع إليه، فإن كان عبدًا ظنه حرًا أو كافرًا ظنه مسلمًا آو من ذوي القربى ظنه من غير ذوي القربى لم يجزه ما دفع، وعليه الإعادةً لأمرين:

أحدهما: أن حقوق الأموال إذا لم تقع موقع الإجراء مع العهد لم تقع موقع الأجزاء الخطأ، كرد الودائع إلى غير أهلها.

والثاني: آن لأسباب المنع من الرق والكفر والنسب علامات يستدل بها وأمارات لا تخفي معها، فكان الخطأ من تقصير في الاجتهاد، وإن بان أنه دفعها إلى غني يظنه فقيرًا ففي وجوب الإعادةَ قولان:

أحدهما: يعيد ولا يجزئه للتعليل الأول بأن الخطأ في حقوق الأموال كالعهد والقود.

والثاني: يجزئه ولا يعيد لعدم التعليل الثاني في فقد الأمارةً الدالةً على غناه، لأن المال يمكن إخفاؤه والرق والكفر لا يمكن إخفاؤهما، فكان بخطئه في الغنى معذورًا وفي العبد والكافر مقصرًا.

وإن دفع كفارته وزكاته إلى السلطان وأخطأ السلطان في دفعها إلى غير مستحقها نظر، فان بان أنه دفعها إلى غني أجزأ لخفاء حاله عليه، وإن بان أنه دفعها إلى عبد أو كافر أو ذوي قربى ففي وجوب ضمانها عليه قولان:

أحدهما: يضمنها ويمدها، كما يلزم رب المال أن يعيدها.

والثاني: لا يضمنها وتقع موقع الإجزاء بخلاف رب المال لوقوع الفرق بينهما بأن

<<  <  ج: ص:  >  >>