أحدهما: لا يصح، لأن التخيير فيه يمنع من تعيين وجوبه.
والثاني: يصح، لأنه إذا ناب عن واجب صار واجبًا وهذان الوجهان بناء على اختلاف أصحابنا في ما وجب في كفارة اليمين وسائر كفارات التخيير هل وجب بالنص أحدها، أو وجب به جميعها، وله إسقاط الوجوب بأحدهما، فأحد وجهي أصحابنا أن الواجب بالنص أحدها على وجه التخيير، فعلى هذا لا يصح العتق.
والثاني: أن جميعها واجب بالنص، وله إسقاط جميعها بفعل أحدها، فعلى هذا يصح العتق.
وإن مات المكفر عنه معسرًا فقد اختلف أصحابنا هل يكون التكفير بعد موته معتبرًا بالواجب أو بالتطوع على وجهين:
قال في الحاوي: أما التطوع بذلك عن وصية الميت فجائز، سواء كان عتقًا أو صدقة ويكون الولاء للميت؟ ينتقل عنه إلى الذكور من عصبته، وأما التطوع به عن الميت من غير وصية، فإن كان صدقة جاز من وارث وغير وارث؟ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر سعد بن أبي وقاص "أن يتصدق عن أمه بعد موتها ".
وروي أن رجلاً قال: يا رسول الله إن أمي اقتلتت، وأظن لو تكلمت لتصدقت، فهل لها من أجر إن تصدقت عنها، قال: نعم ".
وأما العتق فإن تطوع به غير وارث لم يجز، والفرق بين الصدقة والعتق أن الصدقة بر محض لا يتعدى إلى غير الثواب، والعتق تكسب ولاء يجري مجرى النسب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الولاء لحمة كلحمة النسب "وليس لأحد إلحاق نفسه بغيره، كذلك الولاء وإن كان المعتق وارثًا، فإن تطوع به بعض الورثة، لم يجز كالأجنبي، لأن بعض الورثة لا يجوز أن يلحق بالميت نسبًا، وإن تطوع جميع الورثة ففي جوازه وجهان:
أحدهما: لا يجوز كما لو تطوع به بعضهم.
والثاني: يجوز كما يصح لحوق النسب بالميت إذا أقر به جميع الورثة ولا يصح إذا أقر به بعضهم.