والثاني: أن لا يجمع بينهما إلا بعد اشتراكهما في المعني، ثم من الدليل انه عتق في كفارة، فوجب أن لا يجزئ إلا مؤمنه، كالعتق في كفارة القتل. ولأن كل رقبة لا يجزئ عتقها في كفارة القتل لم يجز عتقها في سائر الكفارات، قياساً علي المعيبة وقد مضت هذه المسألة في كتاب الظهار مستوفاة.
مسألة:
قال الشافعي:"وأقل ما يقع عليه اسم الإيمان علي الأعجمي أن يصف الإيمان أذا أمر بصفته ثم يكون به مؤمناً".
قال في الحاوي: وهذا صحيح، إذا ثبت أن الإيمان شرط في عتق الكفارة فإيمانها علي ضربين:
أحدهما: إيمان فعل.
والثاني: إيمان حكم، فأما إيمان الفعل فلا يكون إلا من بالغ عاقل، تؤخذ عليه شروط الإيمان قطعاً، وشروطه أن يتلفظ بالشهادتين فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، قال الشافعي:"ويقر بالبعث والجزاء، ويبرأ من كل دين خالف الإسلام، فأما إقراره بالبعث والجزاء فمستحب، وليس يقف إيمانه علي إقراراه، لأنه من موجبات الإيمان، وأما براءته من كل دين خالف الإسلام فقد اختلف أصحابنا في وجوبه علي ثلاثة أوجه:
أحدهما: أنه شرط في كالشهادتين.
والثاني: أنه مستحب كالبعث
والثالث: أنه إن كان من قوم ينكرون نبوة محمد صلي الله عليه وسلم، كان إقراره بنبوته يغنى عن براءته من كل دين خالف الإسلام، ويكون اشتراط ذلك فيه مستحباً، وإن كان من قوم يعتقدون انه مبعوث إلي قومه من العرب دون غيرهم كيهود خيبر، فإنهم كانوا يقولون: هو مبعوث إلي الأميين من العرب دوننا، وإنما ننتظر مبعوثاً إلينا من ولد إسحاق فتكون البراءة من كل دين خالف الإسلام شرطاً في صحة إيمانه، وبهذا قال أبو علي بن أبي هريرة فإذا صح ما يكون شرطاً في إيمانه نظر فإن كان عربي اللسان تلفظ به نطقاً ولا نفتنع منه بالإشارة مع سلامة لسانه وفهم كلامه، وإن كان أعجمي اللسان نظر، فإن حضر من يفهم لسانه لم يكن مؤمناً إلا بالنطق دون الإشارة كالعربي، وإن لم يحضر من يفهم لسانه دعت الضرورة إلي أن تؤخذ عليه شروط الإسلام، بالإشارة دون النطق كالأخرس، وروي أن معاوية بن الحكم جاء إلي النبي صلي الله عليه وسلم بعبد أعجمي جليب؟ فقال: يا رسول الله: إني ندرت أن أعتق مؤمنه افيجزئ هذا فقال له النبي صلي الله عليه وسلم:"من ربك، فأشار (إلى)