الإجماع في الكفارة خارجاً عن الأصلين في إطلاقها فاعتبروا كمال المنفعة دون كمان الصفة، لأن المقصود بالعتق تميلك الرقبة منافع نفسها، فاعتبرنا كمال ما توجه إليه التمليك من المنافع دون الصفات، فإذا صار هذا أصلاً معتبراً انساق عليه التفريع، فقلنا: إن العوراء تجزئ بكمال منافعها؟ وإنها تدرك بإحدى العينين ما تدركه بهما، فإن قيل: فقد منع الشرع من الأضحية بالعوراء قيل: لأنه قصد به كمال اللحم واستطابته في الأضحية والعور مؤثر فيه، فمنع منه، ولم يمنع مما قصد به كمال المنفعة في العتق فأجير فيه. وإذا أجزأت العوراء في عتق الرقبة فأولي أن يجزئ عتق الحولاء والخيفاء والمقطوعة الأنف والأذنين والبرصاء، لأن كل هذه العيوب غير مضرة بالعمل، وكذلك يجزئ عتق الخرساء، وعتق الصماء، لأن عملها كامل والإشارة معها تقوم مقام النطق، فإن لم يفهما الإشارة لم يجز عتقهما، فإن الشافعي أجاز في موضع عتقهما ومنه منه في موضع آخر، وليس ذلك علي اختلاف قولين، وإنما هو علي اختلاف حالهما في فهم الإشارة، فأما إن اجتمع فيهما الخرس والصمم لم يجز، لأن اجتماعهما مؤثر من العمل ومقتضي عرفهم الإشارة ولا يجزئ عتق العمياء لأضرار العمى بالعمل، ولا يجوز عتق المقطوعة اليدين أو إحداهما ولا عتق المقطوعة الرجلين أو إحداهما، بخلاف العوراء، لأن ذهاب احدي اليدين مضر بالعمل، وكذلك إحدى الرجلين وذهاب احدي العينين غير مضر بالعمل، ويجزئ عتق العرجاء إذا كان عرجها قليلاً، ولا يجزء إذا كان كثيراً، لأن قليلة غير مضر؟ وكثيرة مضر، وتجزئ المقطوعة الخنصر أو البنصر من احدي الأطراف، أو الخناصر والبناصر من الأطراف كلها ولا يجزئ إذا اجتمع قطع الخنصر والبنصر من طرف واحد، ويجوز إن كانا من طرفين، لأن اجتماعهما مضر وافتراقهما غير مضر، ولا تجزئ المقطوعة الإبهام أو السبابة أو الوسطي، لأن قطع كل واحدة من هذه الأصابع الثلاث مضر، فأما قطع الأنملة الواحدة فيمنع منها إن كانت في الإبهام ولا يمنع منها إن كانت في غيرها من الأصابع، لأن الباقي من أنامل غير الإبهام أكثر بخلاف الإبهام والشلل في الأطراف كالقطع فما منع من القطع منع منه الشلل، وما جاز مع القطع جاز مع الشلل، فإذا لم تجز القطعاء فأولي أن لاتجزئ المقعدة ولا ذات الزمانه، وأما المريضة فإن كان مرضها مرجواً كالحمى والصداع أجزأت وإن ماتت، وإن كان مرضها غير مرجو كالسل والفالج لم تجز وإن صحت، وأما عتق الشيخ والعجوز، فعتقهما مجزئ، ما لم ينتهيا إلي الهرم المضر بالعمل، فلا يجزئ، وسواء في الأجزاء اعتق ذات الضعة وغير ذات الضعة، ويجزئ عتق الخصي والمجبوب لكمال عملهما، وكذلك يجزئ عتق الخنثي، فأما عتق الجذماء فإن كان الجذام في الأنف والأذن أو الشفة أجزأت، وإن كان في أطراف البدن والرجلين لم يجز، لأنه مضر بالعمل في الأطراف وغير مضر بالعمل في غير الأطراف ويجزئ عتق الأبرص والبرصاء لأنه غير مضر بالعمل، والله أعلم.