فَإِنَّ نَزْعً أَوْ نُزَلْ مَكَانَهُ إلّا حِنْثً وَكَذَلِكً مَا أَشِبْهُه".
قال في الحاوي: أعلم أن ما حلف عليه من الأفعال ينقسم إلي ثلاثة أقسام:
أحدها: ما يحنث فيه بابتداء الفعل، واستدامته، وهو خمسة أشياء: السكنى، واللباس، والركوب، والغصب، والجماع، فإذا حلف لا سكنت دارًا حنث بأن يبتدئ سكناها، وحنث بأن يكون ساكنًا فيها، فيستديم يسكناها إلا أن يبادر بالخروج منها.
ولو حلف لا لبست ثوبًا حنث بأن يبتدئ لباسه، وحنث أن يكون لابسه، فيستديم لباسه إلا أن يبادر بنزعه.
ولو حلف "لا يركب دابة، حنث" بان يبتدئ ركوبها وحنث بأن يكون راكبًا، فيستديم ركوبها إلا أن يبادر بالنزل عنها، ولو حلف: لا غصبت مالًا، حنث، بأن يبتدئ بالغصب، وحنث بأن يكون غاصبًا، فيستديم الغصب إلا أن يبادر برده.
ولو حلف لا جامعت، حنث بأن يبتدئ الجماع، وحنث بأن يكون مجامعًا، فيستديم الجماع إلا أن يبادر بالإخراج.
وإنما حنث في هذه الخمسة بالابتداء والاستدامة لأن اسم الفعل منطلق عليه في الحالين، فاستوي حكمها في الحنث.
والثاني: ما يحنث بابتداء الفعل، ولا يحنث باستدامته، وهو خمسة أشياء النكاح، والإحرام، والرهن، والشراء، والوقف، فإذا حلف لا ينكح، وقد نكح. وأن لا يحرم وقد أحرم، أو لا يرهن، وقد رهن، أو لا يقف وقد وقف، لم يحنث، حتى يستأنف نكاحًا، وإحرامًا، ورهنًا، وشراء، ووقفًا، لأنها عقود فلم يحنث باستدامتها لتقدم العقد فيها.
والثالث: ما اختلف هل تكون الاستدامة فيه كالابتداء، وهو ثلاثة أشياء: الدخول، والطيب، والسفر، هلي يكون الاستدامة كالابتداء فإذا حلف لا دخلت هذه الدار حنث بأن يستأنف دخولها، إذا كان خارجًا، وفي حنثه باستدامة دخولها، إذا كان فيها قولان.
أحدهما: وهو مقتضى نصه في كتاب الأم.
وقال أبو عبد الله الزبيري أنه يحنث، باستدامة جلوسه فيها لما كما يحنث باستئناف دخولها، كالسكنى، وقد قال الشافعي: لو حلف لا يدخلها فأكره على دخولها، فإن عجل الخروج منها بعد المكنة، لم يحنث وإن أقام حنث، فجعل استدامة الدخول كالدخول.
والثاني: نص عليه في كتاب حرملة، وقاله أبو العباس بن سريج، لا يحنث باستدامة الدخول، حتى يستأنفه، لأن الدخول يكون بعد خروج.
ولو حلف لا تطيبت حنث بأن يستأنف الطيب، وفي حنثه باستدامة طيب متقدم ثلاثة أوجه:
أحدها: يحنث باستدامته، لأنه منسوب إلى التطيب.