للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون عرف البلد خاصًا فيه أو عامًا في جميع البلاد فيه؟ ظاهر المذهب أنه يصير عامًا في جميع البلاد كلها فيحنث جميعهم برؤوس النعم الثلاثة. وإن عرفنا أن لبعض البلاد عرفًا في رؤوس الصيد والحيتان حنث جميع الناس، وإن لم نعلمه لم يحنثوا. والشافعي إنما خص الحنث برؤوس النعم الثلاثة لأنه لم يعرف عرف بلد في غيرها، ولم علم لحنث بها جميع الناس كما حنثهم برؤوس النعم، ولهذا حنث القروي الذي لا يسكن بيت شعرٍ في حلفه لا يسكن بيتًا بسكونه؛ لأن عرف البادية جارٍ به. وقال ابن سريج: عرف كل بلدٍ مخصوص في أهله ومقصور عليهم دون غيرهم، فعلى هذا يحنث أهل الحجاز برؤوس النعم الثلاثة [٤/ أ] كما قال الشافعي اعتبارً بعرفهم، ويحنث أهل الكوفة برؤوس البقر والغنم دون الإبل كما قال أبو حنيفة اعتبارًا بعرفهم، ويحنث أهل بغداد برؤوس الغنم وحدها كما قال أبو يوسف ومحمد. وعلى هذا لا يحنث القروي بسكنى بيت الشعر. قال: فإن انتقل عن بلدةٍ لهم فيها عرف إلى بلدةٍ يخالفونهم فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: يحنثون بعرف بلدهم الذي انتقلوا عنه. والثاني: يحنثون بعرف البلد الذي انتقلوا إليه. والثالث: يحنثون بعرف البلدين معًا.

مسألة: قال: "وكذلك البيض".

الفصل

اعلم أنه إذا حلف لا يأكل بيضًا إنما يحنث بأكل البيض الذي يزايل بائضه حيًا ويؤكل منفردًا عنه، وهو بيض الدجاج والطيور والبط والنعام والعصافير ونحو ذلك، ولا يحنث بأكل بيض الحيتان والجراد لأنهما لا يزايل ببائضه إلا أن ينوي ذلك. فإن قيل: أكل بيض النعامة نادر فوجب أن لا يحنث بأكله؟ قيل: العرف في بيض النعامة والدجاجة واحد في إطلاق الاسم، وإنما يؤكل نادرًا لقلته وكثير ثمنه، ومنزلة ذلك منزلة رجل فقير حلف لا يلبس ثوبًا وهو ممن يلبس الصوف أو القطن، فلبس خزًا أو وشيًا أو غير ذلك من الثياب الفاخرة التي لا يلبسها مثله يحنث؛ لأن الاسم في الجميع واحدٌ، وإنما يختلف الاستعمال للتواضع أو كثرة الثمن ونحو ذلك.

وقال في "الحاوي": في بيض النعامة يحنث به أهل البادية، وهل يحنث أهل الأمصار؟ فيه وجهان:

أحدها: يحنثون إذا قلنا أهل القرى يحنثون بسكنى بيت الشعر.

والثاني: لا يحنثون به إذا قلنا إن أهل القرى لا يحنثون بسكنى بيت الشعر ويحنث بأكل المعتاد أهل النادر والمعتاد بلا إشكال.

وقال أبو إسحاق: يحتمل أن لا يحنث ببيض العصافير والحمام ونحو ذلك؛ لأنه علم عنهم [٤/ ب] ترك أكله، فخرج بالعرف من اليمين، والصحيح المنصوص ما تقدم.

فرع

لو ذبح دجاجة في جوفها بيض وصل إليه بذبحها فهل يحنث بأكلها؟

<<  <  ج: ص:  >  >>