للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخذ كسرة من خبز شعير فوضع عليها تمرة وقال: "هذه إدام هذه" فأكلها.

الثالث: ما لا يكون إدامًا ولا يحنث بأكله منفردًا ولا بالخبز، وهو الفواكه كلها؛ لأن اسم الإدام لا ينطلق عليها من عرف عام ولا خاص، والمستأدم بها خارج عن العرب.

والرابع: ما اختلف فيه لاختلاف أحواله، فتارة يؤكل قوتًا وتارة أدمًا كالأرز والباقلاء، فله في أكله ثلاثة أحوال:

أحدهما: أن يأكله مخبوزًا فقد صار بهذه الصفة قوتًا ولا يحنث به.

والثاني: أن يأكله مطبوخًا بخبز، فقد صار بهذه الصفة إدامًا يحنث بأكله.

والثالث: أن يأكله مطبوخًا منفردًا بغير خبز ففيه ثلاثة أوجهٍ:

أحدها: يحنث بها اعتبارًا بصفته في الابتداء.

والثاني: لا يحنث به اعتبارًا بأصله من الأقوات.

والثالث: يعتبر عرف بلده، فإن كان في عرفهم إدامًا كأهل العراق حنث بأكله، وإن كان في عرفهم قوتًا كأهل طبرستان لم يحنث بأكله.

فرع آخر

لو قال: لا أكلت قوتًا فالأقوات ما قامت به الأبدان وأمكن الاقتصار عليه وهو معتبر بالعرف، والعرف فيه ضربان؛ عرف شرع وعرف استعمال.

فأما عرف الشرع فهو منطلق على ما وجبت فيه زكاة العين فيحنث بأكله سواء دخل في عرف قوته أو خرج عنه؛ لأن عرف الشرع عام لعموم أحكامه، فيحنث بأكل التمر والزبيب وإن لم يكن من أقواته.

فأما عرف الاختيار كأهل البوادي يقتاتون ألبان الحيوان، أو سكان الجزاير يقتاتون لحوم السمك، وسكان قلل الجبال يقتاتون لحوم الصيد، فيحنث كل قوم منهم بأكل عرفهم في أٌواتهم ولا يحنثون بعرف غيرهم لخصوصه في عرفهم، ويحنثون بالعرف الشرعي لعمومه فيهم، ولا يحنث غيرهم بعرفهم لخصوصه فيهم.

وأما عرف الاضطرار [١٢/ ب] كأهل الفلوات يقتاتون الحشيش في زمان الجذب، فيحنثون في زمان الجذب بقوتهم في الجذب، وقوتهم في الخصب وهو الألبان، ويحنثون في زمان الخصيب بقوتهم في الخصب دون الجذب، ويكون عرف الزمان معتبرًا كما كان عرف المكان معتبرًا، ذكره في "الحاوي".

فرع آخر

لو حلف لا يأكل طعامًا حنث بكل مطعوم من الحلوى وغيره، ولا يحنث بأكل الدواء وإن كان مطعومًا؛ لأن اسم الطعام لا ينطلق عليه. وقال في "المهذب": في الدواء وجهان؛ لأنه يجري فيه الدواء بقلة الطعم. وحكي عن محمد أنه قال: لا يحنث إلا بأكل

<<  <  ج: ص:  >  >>