إذا حلف لا يتكفل لفلانٍ بمال فتكفل بوجهه لم يحنث، وبه قال أبو حنيفة. وقال أحمد: يحنث بناءً على قوله: "إذا تعذر تسليم المكفول به يجب المال وصار ذلك كفالة"، قال: وهذا لا يصح؛ لأن الكفالة بالوجه كفالة ببدنه، وبدنه ليس بمال فلم يتناوله يمينه، وما ذكروه لا يسلم ولا يصح أيضًا؛ لأنه يلزمه المال لتعذر تسليمه لأن الكفالة كانت بالمال.
فرع آخر
لو حلف لا يتكلم فقرأ القرآن لم يحنث سواء كان في الصلاة أو في غيرها، وبه قال أحمد: وقال أبو حنيفة: إن قرأ خارج الصلاة حنث؛ لأن القرآن كلام الله، فإذا قرأه فهو متكلم به وهذا لا يصح؛ لأن ما لا يحنث به في الصلاة لا يحنث به خارج الصلاة كالإشارة.
فرع آخر
إذا حلف لا يكلمه فصلى خلفه فسها فسبح أو كبر، قياس المذهب أنه يحنث. وقال أبو حنيفة: إن كان في الصلاة لم يحنث، وإن كان خارجًا يحنث كما قال في القرآن وهذا لا يصح؛ لأن قارئ القرآن لا يسمى [١٦/ أ] متكلمًا بل يسمى قارئًا، ويسمى بالتسبيح متكلمًا.
فرع آخر
لو حلف لا يكلم فلانًا فقرأ آية من القرآن فهم ذلك الرجل منها، مثل إن كان يدق الباب فقال: {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ (٤٦)} [الحجر: ٤٦] فإن قصده قراءة القرآن لم يحنث وإلا حنث.
فرع آخر
لو حلف لا يكلم الناس فكلم واحدًا حنث، لأن الألف واللام للجنس، فإذا كلم واحدًا من الجنس حنث، كما لو قال: لا أكلت الخبز فأكل خبزًا حنث.
فرع آخر
لو قال: لا أكلم ناسًا انصرف إلى ثلاثة أنفس.
فرع آخر
لو حلف لا يكلمه فزجره بأن قال: تنح عني حنث. وقال أبو حنيفة: إن زجره عقيب اليمين لم يحنث، وإن قال بعد ذلك حنث. وكذا الخلاف إذا قال: لا كلمتك فاذهب أو فقم.
وحكي عن أبي حنيفة أنه قال: إذا قال لزوجته: والله لا كلمتك فاذهبي لا يحنث إلا أن ينوي بقوله فاذهبي الطلاقَ؛ لأنه إذا نوى به الطلاق كان كلامًا مستأنفًا لا يتعلق بالأول، بخلاف ما لو لمم ينو به الطلاق؛ لأنه يكون تمام الكلام، وهذا لا يصح؛ لأن قوله: قومي كلام منه لها حقيقة، فإذا وجد منه بعد يمينه حنث به، كما لو كان قد فصله.