لو حلف لا يلبس شيئًا فلبس درعًا أو جوشنًا أو خفًا أو نعلًا فيه وجهان؛ أحدهما يحنث؛ لأنه لبس شيئًا.
والثاني: لا يحنث؛ لأن إطلاق اللبس لا ينصرف آلي غير الثياب.
فرع آخر
لو قال: والله لا كلمتك حنث؛ لأنه بإعادة الكلام قد صار متكلمًا له.
فرع آخر
لو كلمه وهو نائم، فإن كان كلامًا يوقظ مثله النائم حنث به وإلا فلا.
فصل
قال صاحب "الحاوي": أذكر في الإيمان أصلًا يحمل عليه أحكامها ليسلم من الإخلال، فأقول:[١٧/ أ] كل يمين انعقدت على اسم يعتبر به البر والحنث لم يخل ذلك الاسم من أمرين؛ مجمل ومفسر، فإن كان مجملًا كقوله في الإثبات: والله لأفعلن شيئًا، وفي النفي: والله لا فعلت شيئًا، فاسم الشيء يُضم إلى كل مُسمى فلا يحمل على جميع الأشياء لخروجها عن القدرة، والعرف يوجب أن يحمل على بعضها ولا يتغير بعضها إلا بالبيان فيرجع فيها إلى بيانه، فإن كانت له نية وقت يمينه يحمل على نيته فيصير بالنية مفسرًا وبالقول مخبرًا، كأنه أراد بقوله: لا فعلت شيئًا أي لا دخلت هذه الدار. وبقوله: لأفعلن شيئًا أي لأدخلن هذه الدار، فتعلق بره وحنثه بدخول الدار، سواء تقدم على بيانه أو تأخر، فإن لم يكن له نية وقت يمينه له أن يعينها بعد اليمين فيما شاء ويعمل فيها على خياره، كمن قال لنسائه: إحداكن طالق، ولم يعين واحدة، كان لهن تعيين الطلاق فيمن شاء منهن، وإذا كان التعيين إلى خياره فإن كان حلف بالطلاق أو العتاق يؤخذ جبرًا باليقين لتعلق حق الآدمي بها، وإن كان حلف بالله لا يجبر فيعين متى شاء ولا حنث فيها قبل التعيين، وإذا عينها باختياره فجعل قوله: لأفعلن شيئًا معينًا، في أن يركب هذه الدابة، وقوله: لا فعلت شيئًا معينًا في أن لا يركب هذه الدابة صار هذا التعيين هو المراد باليمين، فتعلق به البر والحنث دون غيره.
ثم لا يخلو إما إن وجد منه ركوب الدابة قبل التعيين أو لم يوجد، فإن لم يوجد تعلق بالبر والحنث بما يستأنفه من ركوبها بعد التعيين، وإن كان ركوبها قبل التعيين ففي وقوع البر والحنث به وجهان مبنيان على تعيين الطلاق المبهم في واحدة من نسائه، هل يوجب وقوعه وقت اللفظ أم وقت التعيين؟ فيه وجهان:
فإن قلنا: يقع باللفظ يتعلق البر والحنث بما تقدم من [١٧/ ب] الركوب قبل التعيين، ولا يتعلق بما تأخر عنه برُّ ولا حنثٌ.
والثاني: يقع الطلاق وقت التعيين، فعلى هذا يتعلق البر والحنث بالركوب بعد