ونص الشافعي- رضي الله عنه- على أن يلزمه الحج أو العمرة، لأنه معهودا النذر عرفاً فلا يجوز العدول عنه إلى التخريج.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: إذا أطلق هكذا هل يصح نذره؟ قولان بناء على أصل، وهو أن النذر يحمل على أقل ما ورد الشرع به، أو على مجرد الاسم. فإذا قلنا: على أقل ما ورد الشرع يلزمه، وإن قلنا: علة مجرد الاسم فهنا أصل آخر، وهو أن الإحرام هل يجب على من يدخل مكة لغير الحج؟ وفيه قولان، فإذا قلنا يجب صح النذر ويلزمه المشي حاجاً أو معتمراً، وقيل إتيان مكة لا يلزمه النسك في وقته. وإن قلنا لا يجب فهاهنا أصل آخر ينبني عليه، وهو إذا نذر إتيان مسجد المدينة هل يصح نذره؟ قولان. وإن قلنا: يصح النذر في مسجد المدينة يأتي هناك قربة من صفة أو اعتكاف، فهاهنا أيضا يأتي مكة ويفعل شيئاً من هذا، وهذا كله تخطيط والاعتماد على ما سبق.
فرع آخر
لو نذر المشي إلى بيت الله الحرام، ونوى أن يأتي الحج ولا يعتمر ولا عزم أو صرح به لفظاً، قال أبو إسحاق: يحتمل وجهين:
أحدهما: ينعقد نذره بالمشي إليه متنسكاً ولا يلتفت إلى كلام ونية، لأن الشريعة قد أوجبت على من قصد الإحرام بأحدهما.
والثاني: لا ينعقد نذره، لأن الكلام إذا اتصل يبنى بعضه على بعض، فإذا قال: لا حاجاً ولا معتمراً صار كأنه لم ينذر النسك أصلاً فلا يلزمه شيء.
قال أبو حامد: ويشبه أن يكون الوجهان مبنيين على أن من نذر المشي إلى مسجد المدينة هل ينعقد نذره؟ [٣٨/ أ] فيه قولان، لأن المشي هناك لا يتضمن نسكاً، فإن قلنا هناك لا يلزم، لا يلزم هنا، وإن قلنا هناك يلزم، يلزم هنا، وقيل: لا يستقيم هذا البناء، لان من يقول هنا: ينعقد نذره يقول يلغو قوله: لا حاجاً ولا معتمراً، فلا يكون نذره خالياً عن النسك.
وقال في "الحاوي": هل يصح نذره؟ وجهان: أحدهما: لا يصح لاستثناء مقصوده ولا شئ عليه.
والثاني: لعود الاستثناء إلى الحكم دون القصد، فعلى هذا في الشرط وجهان:
أحدهما: باطل وعليه أن يحرم بحج أو عمرة.
والثاني: الشرط صحيح لاتصاله بالنذر. فعلى هذا فيه وجهان:
أحدهما: يلزم أن يضم إلى قصد البيت عبادة من طواف، أو صلاة، أو صيام، أو اعتكاف ليصير القصد طاعة إذا اقترن بطاعة.