للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو تمرة". واختلف أصحابنا في هذا على وجهين:

أحدهما: قال على وجه المبالغة، ويعتبر أن يهدي أقل ما يكون ثمناً لمبيع أو مبيعاً بثمن، ولا تكون التمرة الواحدة ثمناً ولا مبيعاً كما قلنا في أقل الصدقات.

والوجه الثاني: أنه قال حقيقياً؛ لأن التمرة ذرة في جزء جرادةٍ.

وقال الشافعي - رضي الله عنه-: "وأستحب أن لا ينقص من "المد"؛ لأنه أقل ما يواسى به وأجزل ما دونه.

فرع آخر

قال في "الأم": لو قال: أنا أهدي هذه الشاة نذراً، أو أمشي إلى بيت الله نذراً، فعليه أن يهديهما ويلزمه المشي إلى بيت الله تعالى، إلا أن تكون نيته أني سأحدث نذراً أو سأهديها فلا يلزمه.

فرع آخر

قال في "الأم": "ولو نذر أنه يهدي هدياً ونوى بهيمة أو جدياً أو رضيعاً أجزأه، ولو نذر أن يهدي شاةً عوراء أو عرجاء أو عمياء أو ما لا يجوز أضحية أهداها، ولو أهدى تاماً كان أحب إليَّ". قال الشافعي - رضي الله عنه -: وكل هذا هديٌ، ألا ترى إلى قول الله تعالى: {ومَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥] [٤٦/ ب] إلى الحرم أهدى".

مسألة: قَالَ: "وَمَنْ نَذَرَ بَدَنَةً لَا يُجْزِئْهُ إِلَّا ثَنِيٌّ أَوْ ثَنِيَّةٌ".

جملته إذا نذر بدنة فلا يخلو إما أن يطلق أو يقيد ببدنةٍ من الإبل، فإن أطلق فالإطلاق يقتضي بدنةً من الإبل، فإن كان واجداً أهداها. قال الشافعي - رضي الله عنه -: "وَإِذَا لَمْ يَجِدْ بَدَنَةً فَبَقَرَةٌ"، كما نقول في البدنة الواجبة في الإحرام متى لم يجد نزل إلى البقرة ثنية، فإن لم يجد بقرة فتبيع من الغنم يجزئ ضحايا.

واختلف أصحابنا في هذا، فمنهم من قال: هو على الترتيب وهو المذهب، وبه قال عامة أصحابنا. ومنهم من قال: هو على التخيير؛ لأن الشريعة أقامت البقرة مقام البدنة فجاز أن يتخير، وأصل هذين الوجهين البدنة على المفسد حجة، هل هو على التخيير أم الترتيب؟ فيه قولان. ومن قال بالتخيير قال: قول الشافعي - رضي الله عنه -: "فَإِنْ لَمْ يَجِدْ" أي فإن لم يكن، أو لم يتفق له ذلك، ولا يجوز أن يعدل عنها إلى الإطعام عند عدم الكل، وإن كان في الشرع بدلاً منه لانتفاء اسم الهدي عنه. وإن كان قيَّد النذر وقال: بدنة من الإبل يتعين في الإبل بلا خلافٍ، ولا يجوز أن يعدل عنها مع القدرة عليها؛ لأنه أزال الاحتمال بالتقييد. وقيل: هذا إذا كان مراده أن لا يتقرب إلا بالبدنة؛ لأنه علق نذره بعينها، فينظر كم قيمة البدنة، فما كان قيمتها يشتري به بقراً،

<<  <  ج: ص:  >  >>