للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فرع آخر

لو قال: إن قدم غائبي فلله عليَّ أن أحج في عامي هذا، فإن قدم عامه سقط نذره ولا يجب عليه الحج، وإن قدم قبل حج عامٍ والوقت متسع لحجة لزمه وتعين في عامه، وإن تضيق الوقت عن إمكان الأداء ففي لزوم نذره وجوب الحج عليه وجهان؛ أحدهما: يلزمه كحجة الإسلام.

والثاني: يلزمه ويقضيه بعد عامه؛ لأنه قد كان قادراً على استثنائه في نذره، وهو قول من لا يطرح الغلبة، ذكره صاحب "الحاوي".

فرع آخر

لو قال: لله عليَّ أن أحج سنة ولم يقل في عامي هذا، لم يحج في عامه وحج في عامٍ آخر إن أمكن. وإن مات قبل الإمكان فلا شيء عليه. وحكي عن أبي حنيفة - رحمه الله - أنه قال: يلقى الله تعالى وعليه حجٌّ ولا يصح عندي عنه.

مسألة: قَالَ: "وَلَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ اليَوْمَ الَّذِي يَقْدِمُ فِيهِ فُلَانٌ، فَقَدِمَ لَيْلاً فَلَا صَوْمَ عَلَيْهِ".

الفصل

اعلم أنه إذا نذر أن يصوم يوم يقدم فيه فلان هل ينعقد نذره؟ فيه قولان: أحدهما: لا ينعقد؛ لأنه لا يمكن الوفاء به؛ لأنه إن قدم ليلاً لم يلزمه أن يصوم من الغد؛ لأن الصفة لم توجد، وغن قدم بالنهار وهو مفطر أو صائم عن غيره لم يمكنه أن يصوم عن نذره، وإن نوى من الليل قبل القدوم أن يصوم غداً فقد أتى ببعضه تطوعاً، وقد نذر صوم جميعه واجباً وهذا اختيار أبي حامد، [٥٢/ ب] وقاسه على ما لو قال: لله عليَّ أن أصوم أمسَ اليومِ الذي يقدم فيه فلان.

والثاني: ينعقد نذره وهو الصحيح، وهو اختيار المزني والقاضي الطبري؛ لأنه يمكن أن يقف على قدومه قبله فينوي بالليل أن يصوم من الغد لقدومه، فإذا أمكن ذلك انعقد نذره.

واحتج المزني فقال: قد يجب عليه الصوم في زمان لا يمكنه فعله فيه، ألا ترى أن الصبي الذي يبلغ في أثناء اليوم فيلزمه قضاءه، وكذلك المغمى عليه والحائض يلزمها قضاء الصوم وإن لم يمكنهما.

وأما قياسه على ما قال: أصوم أمس اليوم الذي يقدم فيه فلان، فيحتمل أن يقال هنا: ينعقد النذر أيضاً.

فإذا تقرر هذا فإذا قلنا لا ينعقد نذره فلا كلام، وإذا قلنا ينعقد نذره فإن قدم ليلاً لم يجب عليه شيء؛ لأنه نذر صوم يوم يقدم فيه ولم يوجب ذلك اليوم. قال الشافعي -

<<  <  ج: ص:  >  >>