أن يعيده، فإن لم يعد أجزأه ثم قضى يومًا آخر لمقدم فلانٍ" وهو النذر الثاني؛ لأن هذا الزمان قد كان يصح صومه عن ذلك النذر ولكن صامه عن غيره فيلزمه القضاء عن نذره. فإن قيل: لم استحب الشافعي رضي الله عنه أن يعيد ما صامه عن نذره؟ قلنا: لأنه صام يوم الخميس وقد استحق فيه أن يصوم عن مقدم فلان، فأحب أن يصوم في يوم لا يستحق صومه لغيره ولا يكون فرضه مشتركًا، فيصوم يومين يومًا فرضًا ويومًا مستحبًا. فإن قيل: هلا قلتم يصح صومه عن نذره الأول وقد استحق صومه لمقدم فلان كما قلتم فيمن صام رمضان من غيره لم يصح؛ لأنه مستحق لصوم رمضان قبل استحقاق النذر في وقت لا يمنع صحة غيره، ألا ترى أنه لو نذر ان يصلي في وقت بعينه، أو يوم ثم قضى فيه صلاة فائتة، أو صومًا عن القضاء أو التطوع كان جائزاً. فإن قيل: أليس لو نذر صوم يوم من شهر رمضان لم ينعقد نذره، فكيف انعقد هنا وقد وافق يومًا يعين عليه فيه صوم النذر؟.
قيل: صوم شهر رمضان متعين فيه ولا يجوز أن يقع فيه صوم آخر، وليس كمذلك اليوم الذي استحق صومه بالنذر، فإنه لو صام فيه غيره صح صومه فافترقا.
ثم قال الشافعي - رضي الله عنه -: "وَيَحْتَمِلُ القِيَاسُ أَنْ لاَ يَكُونَ عَلَيْهِ القَضَاءُ مَنْ قَبْلِ أَنَّهُ لاَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ صَائِماً عَنٍْ نَذْرِهِ" فحص قولان، وتفسير قوله: "لا يصلح أن يكون فيه صائمًا عن نذره" ما فسره المزني، فقال: يعني أنه لا صوم لنذره إلا بنيته قبل الفجر ولم يكن له سبيل إلى أن يعلم أن عليه صومه إلا بعد مقدمه، وفيه ضعف لما ذكرنا أنه ربما يعلم بالليل تقارب القدوم فينوي صومه [٥٤/ أ] فيصح صوم ذلك اليوم عن نذره. واختار المزني وجوب القضاء، فقال: قضاؤه عندي أولى. واختار في نذر الحج سنة بعينها وجوب القضاء أيضاً بكل حال. واحتج بصوم رمضان ومسألة الإغماء على ما ذكر وادعى أنه قول الشافعي - رضي الله عنه -، فقال: وقد قطع بهذا القول في موضع آخر، فسارت المسألة في المرض وحصر السلطان على قولين، هكذا ذكره الإمام الجويني - رحمه الله-.
فرع
لو قال: عبدي حر يقدم فلان فقدم ليلاً لا يعتق إلا أن يكون أراد باليوم الوقت. وقال أبو حنيفة: يعتق.
فرع آخر
لو قال: إن قدم عبدي كذا فعبدي حرٌّ، فقدم من ليلته لا يعتق إلا أن يريد جملة اليوم والليلة. وحكي عن أبي حنيفة - رحمه الله -: يعتق، ذكره القفال.