للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مختلفان، ولأنه بمنزلة أن يزنى وهو بكر؛ ثم يزنى وهو محصن لا يتداخل الحدان لأنهما مختلفان كذلك ههنا.

وكذلك الحكم لو قذفها وهى زوجته ثم أبانها؛ ثم قذفها وهى أجنبية لأنهما قذفان أحدهما حال الزوجية والآخر حال كونها أجنبية؛ وكذلك لو قذف زوجته ولاعن ثم قذفها بزنى آخر نسبه إلى ما قبل لعانة وقبل زوجتيه يحد؛ ولا يسقط ذلك الحد بما يجدد من لعانة وإن نسبه إلى ما بعد نكاحها قبل لعانة فيها وجهان. ولو رماها بزنيئين في حال الزوجية هل يجب حدّ واحد؛ أو حدان؟ قد ذكرنا؛ ويكفيه لعان واحد على القولين جميعاً؛ لأنه يمين والحقان لواحد؛ وينظر فإن كان قذفها برجلين ذكرهما في لعانة؛ وإن أطلق يحتاج أن يقول: أشهد بالله أنى لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنيئين؛ ويخالف هذا إذا قذف زوجتين لا يكفيه لعان واحد؛ لأن اليمين وجبت لكل واحدة منهما فلا تتداخل.

مسألة:

قَالَ: "وَلَوْ قَالَ لَهَا: يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ لَهُ [بَلْ] أَنْتَ زَانٍ لَاعَنَهَا وحُدَّتْ لَهُ".

إذا قال لها: يا زانية فقالت: بل أنت زانٍ؛ فقد قذف كل واحد منهما صاحبه بصريح القذف؛ لأن الزوج صرح بقذفها بقوله: يا زانية والمرأة صرحت بقولها بل أنت زانٍ؛ لأن هذه اللفظة موضوعة لنفي ما خاطبها به واستئناف خطابه بمثله؛ فإن قالت: لم أرد به القذف [ق ١٩ ب] وإنما أردت به المقابلة لم يقبل منها ويفارق هذا إذا قالت: بل أنت أزنى منى؛ لأن هذا يحتمل نفي الزنى على ما ذكرنا؛ فإذا ثبت هذا فللزوج الخروج من القذف بالبينة أو اللعان وليس لها الخروج من القذف إلا بالبينة؛ فإذا أقام البينة وجب عليها حد الزنى ولا تلاعن لإسقاطه: وإن لاعن وجب عليها الحد أيضاً ولكن يلاعن لإسقاطه.

ثم إن أقام البينة على الزوج بالزنى ولا يلزمها حدّ بالقذف؛ وبعد ما لزمه الحد ببينتهما ليس له إسقاطه باللعان أصلاً؛ وحكي الشافعي مذهب أبى حنيفة أنه قال: لا حدّ ولا لعان في هذه المسألة؛ وعنده أن المرأة يجب عليها حدّ القذف بقذفه؛ ولكن لا يجب على الزوج بعد القذف بقذفها وموجب قذفه إياها باللعان فقط؛ ثم اللعان ههنا لا يثبت لا في حق الزوج ولا في حق الزوجة عنده؛ لأن المرأة تعرض أن الحد فلا يصح منها اللعان؛ وإذا لم يصح لعانها لا يصح لعانة؛ في تأويل حكاية الشافعي عن أبى حنيفة أنه لا حد ولا لعان على أنه أراد لا حد في حق الزوج دون الزوجة على ما قررنا من مذهبه. ومعنى قوله: "أستقبح أن ألاعن بينهما ثم أحدهما " أي يقبح أن يسبق في حقه منها دون حقها منه؛ فإذا استوفي منها الحد أولاً فلا يلاعن بكونها خارجة من أهل اللعان بحدها؛ ويتعزر.

<<  <  ج: ص:  >  >>