اللعان والحد، بل إذا ثبت عليه القذف بشهادة عدلين أقيم عليه الحد عاجلاً إن لم يلتعن، ولا يحبس ليلتعن خلافاً لأبي حنيفة حيث قال:"يحبس ليلاعن" وهذا تأويل بعيد (ق ٢٥ أ) وأما في حد الله تعالى إذا أقام شاهدين لا يحبس حتى تظهر عدالتهما؛ لأنه لو هرب بعدما توجه عليه حد الله تعالى لم يطلب بخلاف حق الآدمي.
هكذا ذكره القفال، وأما في المال إذا شهد عليه شاهدان بمال، قال أصحابنا: يجوز حبسه حتى يسأل عن الشاهدين.
وحكي الداركي عن أبي محمد الفارسي، عن الاصطخري أنه قال: لا يحبس في المال؛ لأنه وإن هرب يمكن استيفاءه من ماله بخلاف الحد، وهذا لا يصح لأنه إن لم يكن ماله ظاهرًا لا يمكن استيفاءه، وإن كان ظاهرًا فاستيفاءه مع حضوره أمكن، فكان له غرض في حبسه فجاز ذلك.
وأما إذا أقام شاهدًا واحدًا في المال، وقال: أحلف مع شاهدي وقلنا بالقول الأول، قال أبو إسحاق: يحبس المدعي عليه قولاً واحدًا؛ لأن الحجة قد حصلت وإنما يجوز للحاكم أن يحلفه حتى يسأل عن حال الشاهد، لأنه لو حلفه ثم سأل عن الشاهد فكان فاسقًا كان قد وضع اليمين في غير موضعها، وكان الامتناع من سماع يمينه من جهة الحاكم واجبًأ، فيحبس المدعي عليه حتى يسأل عن الشاهد فإذا ظهرت عدالته يحلفه ويحكم له بالمال على المدعي عليه.
مسألة:
"قال: "ولا يكفل رجل في حد ولا لعان".
قال أصحابنا: لا تجوز الكفالة ببدن من عليه الحد الذي هو حق الله تعالى مثل حد الزنى والشرب والسرقة، وهل تصح ببدن من عليه المال؟ قولان: وقال المزني: هذا دليل على إثباته كفالة الوجه من غير الحد، وهو الصحيح إلا أنه استدل بمفهوم كلام الشافعي على أنه مذهبه جوازها في المال.
وقد ذكرنا شرح هذه المسألة فيما تقدم، وأما الكفالة ببدن من عليه (ق ٢٥ ب) حد الآدمي كالقصاص وحد القذف من أصحابنا من قال: لا يجوز قولاً واحدًا.
والفرق أنه لما جاز أن يتكفل بالمال جاز أن يتكفل ببدن من عليه المال، ولما لم يجز أن يكفل بالحد لم يجز أن يتكفل ببدن من عليه الحد. وقيل: فيه قولان، وقيل: هو مرتب. فإن قلنا: الكفالة ببدن من عليه المال لا تجوز فببدن من عليه الحد أولى.
وإن قلنا: ذاك يجوز فهل يجوز هذا؟ قولان، وقال القفال: الأقيس أنه يجوز وتأويل قول الشافعي ههنا: "ولا يكفل رجل في حد" أي نفس الحد واللعان لا يكفله