وهؤلاء الثلاثة جاؤوا مجيء الشهود. وعلي هذا قال بعض مشايخنا: لو أن جماعة من الفسق الذين يلعنون بفسقهم ولا يسترون به جاؤوا وشهدوا علي زني رجل، مع علمهم بأن شهادة مثلهم مزودة. جعلناهم قذفه قولاً واحداً، ولا ندخلهم في مسألة القولين، وإن قيدوا ألفاظهم بالشهادة. وبه قال ابن أبي هريرة، وهل يجري الزوج مجري الشهود في سقوط الحد عنه؟ وجهان:
أحدهما: لا حد عليه وهو الاختيار؛ لأنه جاء بلفظ الشهادة، فعلي هذا لو أراد اللعان لم يكن له إلا باستئناف قذف.
والثاني: قاله أبو إسحاق يُحد قولاً واحداً؛ لأنه لما امتنع أن يكون شاهداً امتنع أن يكون لفظه شهادة، وصار قذف محصنة فيلا عن بما تقدم.
فرع:
إذا قلنا: يحد الشهود فعلي الزوج الحد أيضاً، ولكن للزوج أن يلاعن علي ما ذكرنا، وهل يجوز أن يحد الشهود قبل لعان الزوج؟ وجهان مبنيان علي أن الزوج إذا لاعن وامتنعت من اللعان فحدت هل تسقط حصانتها مع الأجانب؟ فيه وجهان:
فإن قلنا: لا تسقط يجوز أن يجوز أن يُحد الشهود قبل لعانها.
وإن قلنا: تسقط لا يُحد الشهود إلا بعد اللعان؛ لجواز أن تمتنع فتحد فتسقط حصانتها معهم.
فرع آخر:
لو شهد أربعة بالزاني وفيهم من رُدت شهادته لرق أو فسق.
قال أبو إسحاق في حدّ الباقين قولان، وقال الاصطخري: إذا كمل عددهم ونقصت صفتهم لم يحدوا قولاً واحداً [ق ٢٩ أ] لأن نقصان الصفة راجع إلي الحاكم ونقصان العدد راجع إلي الشهود، وهذا فرق ضعيف.
إذا شهدوا عليها الزاني، فقد ذكرنا أنه سقط عنه حدّ القذف ووجب عليها حدّ الزاني، ويقاوم عليها إلا تكون حاملاً فتؤخر حتى تضع، وقد قال ههنا:" ولَمْ تُحَدَّ حَتَّى تَضَعَ ثُمَّ تحُد" وفيه إشكال لأنه لا يجوز أن يبادر إلي حدها عقب الوضع، ومعناه تحد إذا احتملت الحد، ثم كلمة تحتمل التراخي والولي أن لا تُراحم المرأة حتى تحصن