والثاني: ليثبت إلا بأربعة كنفس الزاني لا يثبت إلا بأربعة.
قال القفال: وبه أجابه ههنا: فإذا قلنا بالأول سقط الحد [ق ٣٠ أ] علي قاذفها ولا حد عليها لأنها جاحدة له، وحدّ الزاني يسقط بالرجوع بعد الاعتراف، ولو أقرت بالزني ثم قالت: ما زنيت يُقبل، ولو قالت: ما أقررت بالزني ولم تقل: ما زنيت أقيم عليها الحد؛ لأن الإقرار قد ثبت بشاهدين وهذا تكذيب الشهود لا رجوع عن الإقرار. وإن قلنا بالقول الثاني لا يسقط الحدّ عن قاذفها، وقال القفال: المنصوص ههنا أنه لا يثبت الإقرار بشاهدين ولا يلزم الحدّ علي قاذفها، ويجوز أن تُقبل البينة في إسقاط الحدّ دون إيجابه؛ لأن الحدود تدرأ بالشهيات، ألا تري أنه لو شهد أربعة بالزني وشهد أربع نسوة أنها عذراء أسقطنا حدّ القذف عنه ولا حدّ عليها، وكذلك إذا قام أربعة من الفسق بالزني أسقطنا حدّ القذف ولا نوجب حدّ الزاني، فكذلك الشاهدان علي إقرارها بالزني وفي هذا نظر، وإنما قال ههنا:" وَلاَحَد َّعَلَيهَا" بجحودها لأن البينة علي الإقرار بالزني لم تكمل.
فرع:
لو أقام الشاهدان علي إقرارها بالزني: وقلنا: يسقط عنه الحد، ثم أراد أن يقيم البينة علي زينها هل يجوز؟ وجهان:
أحدهما: يجوز تصديقاً لقذفها وتكذيباً لإنكارها، وهو اختبار أبي الطيب ابن سلمه.
والثاني: وهو الأصح لا يجوز ويمنع من التعرض لها؛ لأنه لا يستفيد به حقاً لأن حده سقط بإقراره.
فرع آخر:
لو شهد عليها أربع بنين له بالزني، فإن كانوا من هذا الزوج لا تُقبل شهادتهم لأنهم شهدوا لأنفسهم، وإن كانوا م غيره
[ق ٣٠ ب] قُبلت شهادتهم نص عليه في " الأم" لأن شهادة الابن علي الأم مقبولة.
ومن أصحابنا من قال: إذا كانوا من هذا الزوج لا تُقبل في سقوط الحدّ عن أبيهم، وفي وجوب الحدّ علي الأم قولان مبنيان علي تبعيض الشهادة، تجوز أم لا؟ ولو شهد عليه ابناه بقذفها فإن كانا من غيره تُقبل، وإن كان منها لم تُقبل. ولو شهد ابناها (على)