للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمكان الذي وصفناه يبطل النفي. (ق ٣٥ ب) وفيه آخر أن له نفيه إلى ثلاثة أيام، وهو الذي قال في الكتاب، ولو قال قائل: يكون له نفيه ثلاثاً إن كان حاضراً كان مذهباً، ونص عليه في القديم، واعترض المزني على هذا الكلام فقال: لا فرق بين الثلاثة والأربعة. وقال: قال الشافعي لمن جعل له نفيه في تسع وثلاثين يوماً وأباه في الأربعين، ما الفرق بين الصمتين، فمثل هذا يلزمه ههنا فقوله في أول الباب أشبه بمعناه عندي. وهو على ما ذكره المزني، ويمكن أن يجاب عن هذا بأن الإنسان لا يستغني عن مراجعة نفسه وما هل زمان وطئه إياها، وإذا نوجي الرجل بأمر لم يهتد في الحال إلى ما هو خير له فلا بد من إمهال والثلاثة زمان قريب، قال الله تعالى في قصة ثمود {فَيَاخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ} [هود: ٦٤]، ثم فسر ذلك القريب ثلاثة أيام، فقال: تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب، وهذا معنى قول الشافعي: فأمكنه الحاكم أو من يلقاه، لم يرد أنه كان مستقبلاً بما لا بد منه يلزمه أن يبعث وكيله إلى الحاكم ليخبره أنه على النفي، ولكن إذا شهد أنه على النفي كفاه، ثم يبقي الحاكم إن شاء بنفسه، وإن شاء بوكيله، ثم هو يحضر اللعان. وذكر المزني أن الشافعي قال في "القديم" إن لم يشهد حضره ذلك في يوم أ, يومين لم يكن له نفيه، وربما يتوهم أن هذا القول الذي حكاه عن القديم وهو قول التقدير بالثلاثة أو الثنين وليس كذلك، بل هو جواب عن الفور، وهو القول الذي نص عليه في أول هذا الباب، غير أنه إذا أراد تعجيل النفي ربما يصادفه الحكم (ق ٣٦ أ) في الحكم أول وهلة، وربما لا يصادفه، وربما يمنعه مانع فلا يبطل حقه عند ظهور عذره، ولهذا جاء بلفظ التنويع، وقال: يوماً أو يومين. ولو أراد التقدير لما استعمل عبارة التنويع، ثم قال المزني: "لوجاز في يومين لجاز في ثلاثة وأربعة في معنى ثلاثة" الفصل فقال للمزني: لعلك توهمت أن الشافعي في " القديم" ذهب إلى قول ثالث سوى القولين المذكورين في أول هذا الباب، وهو أنه بتقدير بيومين وليس كذلك بل له قولان:

أحدهما: أنه على الفور.

الثاني: أنه يتقدر بثلاثة أيام، وأما التقدير بيومين فليس من قوله وإنما عني به قول الفور على ما ذكرناه.

واعلم أن قوله: "أو من يلقاه له" يوهم أن وكيله يقوم في النفي مقامه وليس كذلك، فإنه لا سبيل إلى التوكيل باللعان ولكنه أراد به جواز التوكيل بالنفي في الحال، ثم قال بعد هذا: وأي مدة قلت له نفيه وفيها فأشهد على نفيه وهو مشغول بما يخاف فوته أو بمرض لم ينقطع نفيه" وهذا يوهم أن الإشهاد شرط في صحة النفي وليس كذلك، وإنما أمر بالإشهاد لنوع من الاحتياط، وهو أن المرأة ربما تدعي أن حبر الولادة بلغه صباح يوم الجمعة، فأعرض عن النفي إلى يوم السبت، فإذا أقام الرجل شاهدين أنه نفى الولد

<<  <  ج: ص:  >  >>