شككتم، فإذا ثبت أنواع المعتدات فالكلام الآن في عدة كل واحدة منهم، فبدأ الشافعي رحمة الله عليه بهذه المطلقة المدخول بها إذا كانت من ذوات الأقراء، وإنما شرط المدخول بها لأنها إذا لم تكن مدخولاً بها لا عدة عليها، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نَكَحْتُمُ المُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِن عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}[الأحزاب:٤٩]. ثم ذكر أن عدتها ثلاثة أقراء الآية التي ذكرها، ثم قال: الأقراء: الإظهار، ولا خلاف أن اسم القروء يقع على الطهر والحيض معاً كاللون الأبيض والأسود وغيرهما، وقال أبو عبيد: الأقراء من الأضداد من كلام العرب.
وقال أبو عمرو بن العلاء: القرء: الوقت (ق ٤١ ب) وهو يصلح للطهر والحيض، وقد ورد الشرع بتسميته طهراً وحيضاً أيضاً، لأنه روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن عمر رضي الله عنه حين طلق امرأته وهي حائض:"إنما السنة أن تستقبل بها الطهر، ثم تطلقها في كل قرء طلقة" يعني في كل طهر، وقال لفاطمة بنت أبي حبيش:"دعي الصلاة أيام أقرائك" أي أيام حيضك.
ثم اختلفوا فمنهم من قال: ينطلق هذا الاسم على الحيض حقيقة وفي الطهر مجازاً. ومنهم من قال: هو في الطهر حقيقة ويستعمل في الحيض مجازاً، ومنهم من قال: ينطلق هذا الاسم عليهما حقيقة، وبه قال أكثر أهل اللغة كالشفق اسم للحمرة والبياض والدلوك اسم للزوال والغروب، والجون اسم لجميع الألوان. وقيل: هو اسم ينطلق على الانتقال من ميعاد إلى ميعاد، فيتناول الانتقال من الحيض إلى الطهر ومن الطهر إلى الحيض، كما يقال: أقر النجم إذا طلع وأقر إذا غاب.
واحتج من قال إنه حقيقة في الطهر بأن القرء مشتق من الجمع، يقال: قرأت الماء في الحوض، وقرأت الطعام في الشدق وسمي القرآن قرآناً للجمع.
وقال الشاعر:
ذراعي عيطل أدماء بكر ... هجان اللون لم تقرأ جنينا
أي لم يجمع وحالة الجمع هي حالة الطهر، وإنما سمي الحيض قرء لمجاورة الطهر. واحتج من قال إنه حقيقة المحيض بأن طهر الصغيرة لا يسمى قرء فلو كان هو اسم الطهر لكان كل طهر قرءاً.
واحتج من قال إنه حقيقة فيهما بأن في حالة الحيض يجمع الدم أيضاً، وإن كانت تخرج من الأوقات كما في حالة الطهر.