للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل:

جملته أنه إذا طلقها أو مات عنها قبل خروجها من بيتها لزمها أن تعتد فيه، ولم يجز لها أن تخرج لسفرها، وإن كانت قد شدت رحلها أو اكترت لا تخرج أيضًا لا يختلف المذهب فيه - وإن كانت قد خرجت ولم تفارق بنيان البلد اختلف أصحابنا فيه، قال الاصطخري: لا يلزمها الرجوع وهو ظاهر منصوص الشافعي؛ لأنه قادت "فزايلت منزله ٠ ولم يعتبر شرطًا آخر، وقد صرح في "الأم" أبهذا فقال؛ "ولو كان أذن لها أن تخرج إلى الحج فلم تخرج حتى طلقها أو مات لم يكن لها أن تخرج إلى الحج، ولو خرجت من منزله ففارقت المصر أو لم تفارقه إلا أنها قد فارقت منزله بإذنه للخروج للحج ثم مات أو طلق كان لها أن تمضي في وجهها، وهذا نص لا يحتمل إلا ما قاله الاصطخري، وهذا لأن مزايلتها منزله بإذنه فقط عنها حكمه. وقال أبو إسحاق؛ يلزمها أن ترجع فتعتد في منزله إلا أن يكون قد فارقت بنيان البلد؛ لأنها ما دامت في البلد فهي على حكم المقام فيلزمها أن تعتد فيه، كما لو لم تخرج من منزلها، ولهذا لو أرادت أن تقضي الصلاةً يس لها ذلك ما لم تفارق آخر بنيان البلد. وهذا اختيار القفال، قال؛ ومعنى قوله: "فزايلت منزله" أي عمارةً بلده أو منزل مقامه، ومنزل مقامه بلده.

وقال ابن أبي هريرةً: من أصحابنا من ذكر وجهًا ثالثًا أنه لا يستقر حكم دخولها في ألسفر حتى تنتهي إلى مسافةً يوم وليلةً اعتبارًا بالسفر الذي يستباح فيه الرخص ما لم تبلغ إليها يلزمها أن تعود وتعتد في منزلها. واحتج هذا القائل بما قال الشافعي في "الأم": "ولو آذن لها (ق ٩٤ أ) إلى صفر يكون مسيرةً يوم وليلةً غير حجةً الإسلام لم يكن لها أن تخرج إلا مع ذي رحم محرم، فإن خرجت من تنزله ولم تبلغ السفر حتى طلقها أو مات كان عليها أن ترجع فتعتد في منزله، وهذا لا يصح؛ لأن الشافعي أمرها بالرجوع في هذه المسألة لعدم المحرم لا لقرب السفر، ألا ترى أنه استثنى حجةً الإسلام فقال: "غير حجة الإسلام"؛ لأن في حجةً الإسلام لا يعتبر المحرم، وقصد به الرد على أبي حنيفةً حيث قال: لها أن تسافر سفر التطوع أقل من ثلاثةً أيام بلا محرم، ولأن الشافعي ذكر هذه المسألة عقب المسألة التي حكاها عن "الأم"، ولا يذكر قولين في مسألتين متواليتين.

وقال ابن أبي هريرة: الصحيح ما قاله الاصطخري أن الاعتبار بمفارقةً المنزل دون مفارقةً المصر واعتبار اليوم والليلةً، ولا معنى لترك المنصوص إلى الاجتهاد.

وقال بعض أصحابنا بخراسان: إن أذن لها في الحج فخرجت عن منزلها ثم طلقها قبل أن تفارق عمران بلدها لها أن تمضي إلى الحج، ولو كان سفرا آخر يلزمها الرجوع إلى منزلها؛ لأن الشافعي غاير في العبارة ههنا فقال: "ولو خرج بها مسافرًا،، يعني فارق العمارةً، ثم قال: "أو أذن لها في الحج فزايلت منزله فمات"، فذكر مزايلةً المنزل في

<<  <  ج: ص:  >  >>