المطلقة إحداد كهو على المتوفى عنها والله أعلم فأحب ذلك لها ولا يتبين أن أوجبه لأنهما قد يختلفان في حال وإنما اجتمعا في غيره)).
الإحداد: زيادة صفةً في الاعتداد وهو أن تجتنب في عدتها عما يدعو إلى الجماع عن المزينةً والثياب المزينةً والطيب، وقال في ((الأم)): هو أن تجتنب في عدتها عما يدعو إلي شهرتها مما ذكرنا - يقال: أحدت تحد حدادًا وسمي به لما فيه من الامتناع، وسمي الحديد حديدًا لأنه يمنع به، وجملته أن المعتدات على ثلاثةً أضرب: معتدةً من وفاة، ومعتدةً رجعيةً، ومعتدةً بائن.
فأما المعتدةً عن الوفاة يلزمها الإحداد، وبه قال كافةُ العلماء، وروي عن الحسن والشعبي أنهما قالا: لا إحداد عليها واجبًا، وروي عنهما أنهما قالا: لا يلزمها الإحداد في طول عدتها وإنما يلزمها في بعضها، واحتجوا بما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأسماء بنت عميس لما أتاها نعي زوجها جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ((وتسلبي ثلاثًا)) وهذا غلط (ق ١٠٤ ب) لما رواء الشافعي وظاهره أن الإحداد جائز لا واجب؛ لأنه قال:((لا تحد إلا على زوجها)) ولكن أجمعوا أن المراد به الوجوب وأنه استثناء الواجب من الحرام ولم يعتبر الأكثر.
وروى أبو داود بإسناد عن أم عطية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:((لا تحد المرأة فوق ثلاث إلا على زوج فإنها تحد ... أربعةً أشهر وعشرًا، ولا تلبى ثوبا مصبوغًا إلا ثوب عصب. وروي: ((إلا مغسولًا ولا تكتحل ولا تمس طيبًا إلا أدنى طهرتها إذا طهرت من حيضها بنبذة من قط أو أظفار)، وروي:((ولا ثوب عصب)) وهو وهم لا يصح.
وروت أم سلمه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:((للمتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشقةً ولا الحلي ولا تختضب ولا تكتحل)) والعصب من الثياب ما عصب غزله فصبغ قبل أن ينسج وذلك كالبرد والحبر ونحوهما. والممشق ما صبغ بالمشق وهو شبه المغرة، وقوله: ينبذه من قسط يريد بها اليسر والنبذ: القليل من الشيء، والنبذةً تصغيره وطهرت الهاء فيه لأنه نوى به القطعة منه.
وروت بنت حكيم بن أسد عن أمها أن زوجها توفي وكانت تشتكي عينها فتكتحل بكحل الجلا فأرسلت مولى لها إلى أم سلمه رضي الله عنها، فسألها عن كحل الجلا فقالت: لا تكتحل به إلا من أمر لا بد منه تشتد عليك فتكتحلين بالليل وتمسحينه بالنهار،