قال أصحابنا: لو كان للمرأةً لحيةً لا يجوز لها أن تدهنها لأنه ترجلها فتكون زينةً، واللحيةً، وإن كانت قبيحةً للنساء فهي مع ترك الدهن أقبح.
مسألة:
قال:((وكل كحل كان زينة فلا خير فيه)).
الفصل:
أراد به الكحل الأسود الذي يقال له الأسود وهو الأصفهاني، لا يحل لها ذلك لأنه يسود الحدقة والأجفان ولا فرق بين آن تكون المرأةً بيضاء أو سوداء؛ لأنه زينةً وملاحةً لهما فإنه يسود حدقةً السوداء ويفتحها، والدليل عليه خبر أم سلمه الذي ذكرنا (ق ١٠٧ أ).
وحكي الماسرجسي عن بعض أصحابنا أنه قال: إن كانت سوداء جاز لها الاكتحال به، وهذا غير صحيح لما ذكرنا. قال: فأما الفارسي وما أشبهه إذا احتاجت إليه فلا بأس به؛ لأنه ليس بزينةً بل يزيد العين مرهًا وقبحًا، وأراد بالفارس التوتيا والبرود الأبيض، فإن ذلك ليس بزينةً بل يزيد العين قبحًا والمرء أن لا تقبل العين الكحل فينتشر حواليها تقبح العين. وقيل: معناه تسترخي العين إذا اكتحلت به.
قال أصحابنا: ويجوز ذلك أيضًا من غير ضرورة حاجته ليلًا ونهارًا، وقال بعض أصحابنا، هو زينة لبعض النساء كنساء مكةً فيمنع منه البيض والسود، وهذا لأن الاعتبار بلونه لا يكون مستعمله.
وقال القفال: الإثمد: زينة لنساء العجم دون العرب؛ لأن أعينهن سود والإثمد: سود، والكحل الأبيض والأصفر زينةً لنساء العرب دون العجم فيفرق بينهن في ذلك. وهذا غير صحيح أيضًا لما ذكرنا، ولو استعملت كحل الزينةً في غير عينها جاز لأنها يزيد تشويها إلا الأصفر منه الذي له لون إذا طلي به الجسد كالصبر فتمنع منه فيما ظهر من الجسد، كالوجه ولا تمنع فيما بطن ذكره في الحاوي.
ثم قال الشافعي:((وما اضطرت إليه مما فيه زينةً من الكحل اكتحلت به ليلًا وتمسحه نهارًا)) قال: وكذلك الإمام يعني الصبر، قال الأزهري: يقال المرأةً إذا طلي حول عينيها بصبر أو زعفران قد دمت عينها، وكذلك إذا طلت غير موضح العين، وقيل: كل طلي تحسن به الوجه من اسفيذاج العرائس والكلكون ونحوه فهو الدمام، وقيل: هو ما تحمر به المرأةً وجهها. وقيل: هو ما يلطخ به حول العين مثل الحضض (ق ١٠٧ ب) وغيره مما يبرد ويزيل حكةً العين وحرقتها ونحو ذلك، فكل هذا نيةً تمنع منه.