قال ابن أبي هريرة: المشترك إذا تزوج بمشركة في العدة ثم أصابها وأسلم يكون عليها عدة واحدة؛ لأنه لم يؤخذ علينا حفظ نسائهم، وإنما أخذ علينا حفظ نسائنا، ولهذا المعني لا نتزوج بهن في حال العدة لئلا تختلط أنسابهم بأنسابنا. قال: وهذا إذا لم يكونوا أهل عهد، فأما إذا كانوا أهل عهد فقد وجب علينا بالعهد حفظ أنسابهم فعليها أن تأتي بالعدتين جميعاً، ونقل صاحب الإفصاح: هذه المسألة واختصرها، وقال: وكذلك المشركة تزوج في عدتها بمشرك فيسلم زوجها كان عليها ثلاثة أقراء؛ لأن الماء [ق ١١٦ ب] الأول لا حرمة له، وإنما يستبرئها بالأجل حرمة الإسلام، وقال القاضي الطبري: رأيت أصحابنا المتأخرين ببغداد يذكرون في هذه المسألة وجهاً آخر أن علينا عدتين، ويقولون: لا نعلم للشافعي أن عليها عدة واحدة بل القياس علي أصله يقتضي عدتين، وقد طلبت هذ المسألة في الأم فلم أجدها، وذكر القاضي أبو علي البنديجي أن هذه المسألة مذكورة في الجامع الكبير والجواب: أنهما يتداخلان لأنه لا حرمة لماء الكافر فيجوز إبطال حقه، وهو ظاهر المذهب. ومن أصحابنا من قال: لا يتداخلان وهو الأقيس؛ لأنه لو لم يكن لمائه حرمة لم تجب العدة أصلاً، وهذا أصح عندي، وهو اختيار أصحابنا بخراسان، وقيل: نص الشافعي في هذه المسألة أنهما يتداخلان فقيل: المسلمة والحربية سواء ففيهما قولان نقلاً وتخريجاً ونسبوا إلي أبي حامد وهو غريب بعيد.
فرع آخر:
لو وطء رجل زوجة رجل بشبهة فدخلت في عدة الوطء، ثم طلقها زوجها قبل انقضاء عدة الوطء فيه وجهان.
أحدهما: تأتي بما بقي من عدة الوطء لتقدمها، ثم تستأنف عدة الطلاق وتسقط بها الباقي من عدة الوطء، ولا نقول: تدخل بعينها في عدة الطلاق، وهذا لأن هذه العدة طرأ علي نكاح فجاز أن يسقط حكمها لضعفها بعد النكاح لقوة النكاح، ولأن هذه العدة وجبت عن وطء محظور، والعدة الثانية وجبت عن وطء مباح فكانت الثانية أقوي فزاحمتها، وقيل: هذا اختيار أبي إسحاق، ومثل هذا ذكره صاحب الحاوي، وقال القاضي الطبري، قال أبو إسحاق: تقدم عدة الزوج فاعتدت بثلاثة أقراء، ثم أكملت عدة الواطئ بالشبهة وكذا ذكره. [ق ١١٧ أ] أبو حامد من أحد الوجهين وهذا أقيس.
فرع آخر:
إذا زوج أمته من رجل فطلقها بعد الدخول بها وجبت عليها العدة، فإن باعها في زمان عدتها من رجل صح البيع لأنه ليس فيها أكثر من تحريم الاستمتاع، ويجوز شراء