يقدم زوجها وتحدث تسليمًا بعلمه [ق ١٢٨ ب] وفي المسألة الأولى زالت النفقة بفعلها فعادت بفعلها.
وقال بعض أصحابنا في تعليله: إنها إذا تزوجت بنفسها فهي ناشزة ولم يزل يده عنها في حال نشوزه، فإذا زال النشوز كان كما كانت في يده، وفي هذا نظر عندي وأما نفقتها على الزوج الثاني قال الشافعي:"ولم ألزم الواطئ بنفقتها لأنه ليس بينهما شيء من أحكام الزوجين إلا لحوق الولد فإنه فراش بالشبهة. وهو لأن النفقة بإزاء التمكين من الاستمتاع وهو لا يستحق عليها ذلك، فإن قيل: إذا استأجر دارًا إجارة فاسدة وتسلم الدار حتى انقضت مدة الإجارة يلزمه أجرة المثل وإن لم ينتفع بها، فيجب إذا تزوجت نكاحًا فاسدًا وتسلمها أن تجب النفقة بالتمكين والمهر أيضًا من دون الوطء؟ قلنا: الفرق أن المنافع مقدرة بالزمان في جواز العقد عليه، فلم يكن مضي الزمان، كإتلافه وإنما يتحقق الإتلاف بالاستمتاع فافترقا، ومن أصحابنا من فرق بأن الحرة لا تثبت عليها اليد، ولا على منفعتها فيكون تلف الاستمتاع في يدها بخلاف الدار، وهذا ليس بشيء؛ لأنه لو استأجر حرًا شهرًا ومكنه من الانتفاع به فلم ينتفع حتى مضي الشهر لزمته الأجرة. ولو تزوج بأمةٍ لرجل نكاحًا فاسدًا وتسلمها منه لم يلزمه المهر إلا بالوطء فلا يصح هذا الفرق طردًا وعكسًا، وهذا على القول الجديد، فإن أنفق الزوج الثاني عليها في مدة مقامها معه لم يكن له الرجوع عليها؛ لأنه متطوع بالإنفاق فلا رجوع له، وإن كان الإنفاق عليها بحكم الحاكم رجع عليها لأنه يقول أوجب على الحاكم ما لم يكن واجبًا فلي الرجوع.
ورأيت لبعض أصحابنا أنه يرتجع على الزوج الأول إذا عاد وردت غليه إذا كان الإنفاق بإذن الحاكم، وهذا غلط عندي [ق ١٢٩ أ] وهذا قبل التفريق، فإن فرق بينهما وشرعت في العدة من الثاني فلا سكنى عليه؛ لأن السكنى لما لم تجب لها حال الزوجية فلأن لا تجب بعد التفريق بينهما أولى.
وأما النفقة نظر، فإن كانت حائلًا فلا نفقة، لأن البائن عن نكاح صحيح لا نفقة لها فهذه أولى، وإن كانت حائلًا، فإن قلنا: النفقة للحمل تلزم، وإن قلنا للحامل لا تلزم، وأما على القول القديم تلزم نفقتها عليه بعد نكاحه لأنه صحيح فوجبت النفقة كما في سائر الأنكحة الصحيحة.