وحكي عن أبي إسحاق عن بعض أصحابنا أنه قال: يجب أن تكون الحيضة في الأربعة الأشهر بعد شهرين وخمس ليال لأن الشهرين وخمس ليال عدة من الزوج فالاستبراء بحيضة يجب أن يكون بعدها، قال: وهذا غلط لأنا لا نحتسب بما بين الموتتين من العدة، وإنما نوجب عليها أربعة أشهر وعشرًا من عند آخرهما موتًا فعلى هذا في أي زمان حصلت الحيضة في أربعة أشهر وعشرًا [ق ١٣٦ أ] في أولها أو في آخرها فقد صح الاستبراء، وإن لم يعلم مقدار ما بين فالاحتياط أن يكون بين موتيهما أكثر من شهرين وخمس ليال فيلزمها أن تعتد أربعة أشهر وعشرًا فيها حيضة على ما بيناه.
ثم إن المزني قَال: هَذَا عِنْدِي غَلَطٌ لَأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا إِلَّا أَقَلُّ مِنْ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَ لَيَالٍ فَلَا مَعْنَى لِلْحَيْضِةِ" قلنا له: صدقت ومثل هذا لا تخفي على الشافعي ولما نقله تأويلان:
أحدهما: أن الشافعي جمع بين مسألتين:
إحداهما: أن يكون بين موتيهما أقل من شهرين وخمس ليال أو أكثر ثم أجاب عن الثاني: منهما وترك الجواب عن الأولى اكتفاء بما قد بينه في المسألة قبلها.
والثاني: أنه صور المسألة فيما سكت فلم يدل على أن بين موتيهما قدر عدة الإماء أو أقل أو أكثر فكأنهما شكت من وجهين في أولهما موتًا، وفي قدر المدة بين الموتين فالحكم يكون بالاحتياط على ما ذكرنا.
وإن علم أنه مات الزوج والسيد فعليها أربعة أشهر وعشر بلا خلاف.
أراد به إذا ماتا جميعًا ولم يعلم أيهما مات أولًا، فلا ميراث لها من زوجها، لأن الأًصل أنها رقيقة ليست من أهل الميراث، وقد شككنا هل يغير حكمها فصارت من أهل الميراث من زوجها أم لا فلا يجوز أن نزيل اليقين بالشك".
فإن قيل: لم يوقفوا الميراث حتى ينكشف الحال كما قلتم في الرجل إذا كانت له امرأتان مسلمة وكتابية، فطلق إحداهما لا بعينها ومات قبل البيان يوقف ميراث زوجه إلى أن تنكشف [ق ١٣٦ ب] المطلقة هل هي الذمية فترثه المسلمة أو المسلمة فلا ترث الذمية ولا المسلمة، قلنا: الفرق أن الأصل أن المسلمة وارثته وقد شككنا هل حكمها وبطل استحقاقها أم لا، والأصل أنها مستحقة للميراث فلا يزيل اليقين بالشك وههنا الأصل أن أم الولد غير مستحقة للميراث، وقد شككنا هل صارت مستحقة فلا يزيل اليقين بالشك،