الاستبراء لا يجوز لها أن تتجوز إلا بعد الاستبراء، وكذلك أم ولده إذا أراد تزويجها. وقلنا: يجوز ذلك [ق ١٣٧ ب] كان عليه أن يستبرئها بحيضة، فإن زوجها قبل الاستبراء فالتزويج فاسد، ولو كانت له جارية فأعتقها ولم يكن وطئها لم يجب عليها الاستبراء، وكان لها أن تتزوج في الحال وكذلك إذا وطئها واستبرأها ثم أعتقها لم يجب عليه استبراء آخر لأن عليه وجوب الاستبراء، أما وجود الوطء أو حدوث الملك على الاستمتاع بعد التحريم وليس ههنا واحد منهما، وبه قال أحمد، وعلى ما ذكرنا لو اشترى أمةً من صبي أو خصي أو امرأة يجوز له أن يزوجها قبل الاستبراء ويحل للزوج وطئها عقيبه ولا يجوز للمشتري وطئها حتى يستبرئها.
وقال القفال: نص الشافعي هكذا أنه لو اشترى أمةً ولم يطأها حتى أعتقها فلا استبراء عليها، ولكن قال أصحابنا: صورته أن البائع كان قد استبرأها قبل أن باعها، أو لم يكن وطئها أو المشتري استبرأها، ثم أعتقها.
ومن أصحابنا من قال: وإن استبرأها البائع، ثم أعتقها لابد من استبراء جديد بعد التزويج، قال: وعلى هذا أكثر أصحابنا، وعندي يجوز له تزويجها، وهذا غريب بعيد ولم يساعده أحد من أصحابنا بالعراق والله أعلم.
وقال أبو حنيفة: إذا أعتقها سقط الاستبراء بكل حالٍ.
وحكي أن هارون الرشيد اشترى جارية فتاقت نفسه إلى جماعها قبل أن يستبرئها فقال لأبي يوسف: هل تجد لي حيلة في ذلك؟ فقال: نعم أعتقها وتزوج بها وقد حلت في الحال، ففعل ذلك وأجزل العطاء لأبي يوسف. وقيل: هذا ليس بمذهب أبي حنيفة بل هو اختيار أبي يوسف.
واحتجوا [ق ١٣٨ أ] بأن له أن بيبعها فله أن يزوجها كما لو كان استبرأها، وهذا غلط لقوله صلى الله عليه وسلم:"لا تسق بماء له زرع غيرك، والبائع قد زرع فلا يجوز للزوج أن يسقيه ولأن هذا وطء له حرمة فلا يجوز تزويجها من غير الواطئ قبل الاستبراء كالموطوءة بشبهة، ويخالف البيع لأنه يصح في المعتدة والمحرمة بخلاف النكاح.
فإذا تقرر هذا فإذا زوجها، ثم طلقها زوجها قبل الدخول بها فعليه استبراء جديد؛ لأن الحيلولة التي وقعت بينه وبين بضعها بالتزويج كزوال الملك؛ لأنه يزيل ملك الاستمتاع وإن طلقها بعد الدخول تعتد بحيضتين وهل يدخل الاستبراء في تلك العدة أو يجب الاستبراء؟ من وجهين.