للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَضِيعَاتٍ وَشَرِيفَاتٍ فَكَانَ الأَمْرُ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِيهِنَّ وَاحِدًا" [ق ١٣٩ أ].

إذا ملك الرجل جارية بشراء أو هبة أو ميراث أو غنيمة أو وصية لا يجوز له أن يطأها حتى يستبريها سواء كانت الجارية بكرًا أو ثيبًا صغيرة لا يمكن وطئها أو كبيرة يمكن وطئها وسواء كانت ممن تحبل، أولا تحبل شريفةٍ كانت أو دينة للعلة التي ذكرها الشافعي ههنا وهي حدوث الملك على جارية محرمة عليه.

واعتبر الشافعي حدوث الملك وكون الفرج محرمًا عليه قبل الملك؛ لأن الرجل إذا تزوج ثم استبرأها لا تجب عليه أن يستبرئها، لأن الفرج كان مباحًا له قبل الملك.

وبه قال عمر، وعثمان، وعبد الله بن مسعود، وابن عمر، والحسن، وعطاء، وابن سيرين، وعكرمة، وجماعة الفقهاء رضي الله عنهم، وقال داود: إن كانت بكرًا فلا استبراء عليه، وإن كانت ثيبًا يلزمه الاستبراء.

وروي هذا عن ابن عمر رضي الله عنه، وقال مالك: إن كانت عمن لا تجامع مثلًا فلا استبراء، وإن كانت ممن تجامع مثلًا يلزمه الاستبراء.

وحكي صاحب المفتاح عنه أنه قال: تستبرأ الشريفة ولا تستبرأ الدنية، وقال الليث بن سعد: إن كانت ممن يحبل مثلها فعليها الاستبراء، وإن كانت ممن لا تحبل مثلها فلا استبراء عليها، وقال المزني من مختصر: المختصر عندي أنه لا يلزم الاستبراء بحالٍ إلا أن تكون موطأة أو كانت حائلًا وأنا أميل إلى هذا.

واحتجوا بأن الغرض بالاستبراء معرفة براءة الرحم، فإذا كانت بكرًا أو لا تحبل لا حاجة إليه، وهذا غلط لما ذكر الشافعي من الدليل وأشار على لفظ الخبر ولولا ذلك لكان الأول أن يقول نهى عام سبي أوطاس أن توطأ حامل حتى تضع أو حائل حتى تحيض وكان الأولى بعدما قصد إلى اللفظ أن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ق ١٣٩ ب] ويذكر الخبر، وقوله قبل أن يستأمنن أي قبل أن يصون بالاسترقاق إماءً.

وروى أبو الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة رأى امرأة محجمًا.

فقال: لعل صاحبها ألم بها قالوا: نعم، فقالت: لقد هممت أن ألعنه لعنة تدخل معه في قبره كيف يورثه وهو لا يحل له وكيف يستخدمه وهو لا يحل له" والحج الحامل المقرب وفيه بيان أن الواطئ الحامل من السبايا لا يحل حتى تضع الحمل وقوله كيف يورثه وهو لا يحل له يريد به أن ذلك الحمل قد يكون من زوجها المشترك فلا يحل له استلحاقه وبورثته، وقد يكون منه إذا وطئها بأن ينعس ما كان في الظاهر حملًا وتعلق من وطئه فلا يجوز له نفيه واستخدامه، وفي هذا دليل على أن الأمة تصير فراشًا بالوطء.

وروى أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم استبرأ صفية بحيضة، وروى رويفع بن ثابت الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين: "لا يحل لمؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر سقي مائه زرع غيره" يعني إتيان الحبالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>