يحنث في يمينه ولو قطعه لغير ذلك واشتغل بغيره حتى قطعه قطعًا بينًا، ثم عاد إليه كانت أكلتين وحنث في يمينه، وإن كان أكل [ق ١٥١ ب] قليلًا فكذلك الصبي إذا ارتضع ثم قطعه ليتنفس أو ازدراد أو استراحة أو لعب، ثم عاد إليه كأن كله رضعة واحدة، وإن قطعه قطعًا بينًا، واستغل عنه، ثم عاد إليه كانت رضعتين، وإن التقم الثدي، فأنفذ ما فيها، ثم انتقل إلى الثدي الآخر كانت رضعة كما إذا انتقل الأكل من غضارة إلى غضارة تكون أكلة واحدة.
فإذا تقرر هذا فكل ما جعلناه قطعًا لا فرق بين أن يقطع الصبي أو تقطع المرضعة فإن قيل: أليس قلتم لو حلف لا يأكل في اليوم إلا أكلة واحدة، فأكرهه إنسان شيئًا قطعه، ثم عاد فهل يحنث؟ قولان فقولوا: ههنا مثله؛ لأنه قطع الأم إكراه للصبي على قطعه.
قلنا: الفرق بينهما أن الرضاع يتعلق بالمرضعة والمرضع فاعتبر قطع كل واحد منهما وليس كذلك للأكل فإنه لا يتعلق بالمكره بوجهٍ من الوجوه فلم يعتبر اختياره للقطع وإنما اعتبار اختيار الأكل للقطع.
ومن أصحابنا من قال: لا اعتبار بقطعها وإنما الاعتبار بقطع الولد، ألا ترى أن المرأة لو كانت قائمة فارتضع الصبي من ثديها، وهي لا تحس به وقع التحريم، فدل أن المغلب فعل الرضع والأول أصح.
فرع:
لو ارتضع من امرأتين من كل واحدة منهما أربع رضعات، ثم مصّ ثدي إحداهما مصة واحدة، ثم انتقل إلى ثدي المرأة الأخرى فمصّ منها وقطع فيه وجهان؛ لأنه قد حرم على كل واحدة منهما وكملت له واحدة منهما خمس رضعات وهو الصحيح؛ لأنه ترك الارتضاع منها باختياره ولم يعد إليها فأشبه إذا تركه بغير رضاع؛ ولأن ارتضاعه من إحدى المرأتين لا يبني على ارتضاعه من الأخرى فانتقاله من ثدي امرأة إلى ثدي امرأة أخرى قطع له. والثاني لا تحرك على واحدة منهما؛ لأن انتقاله من ثدي إلى ثدي ليس [ق ١٥٢ أ] بقطع كما إذا انتقل من إحدى الثديين إلى الأخرى وهكذا لو شرب منها دفعةً واحدة وأوجر الصبي دفعة واحدة ففيه هذان الوجهان.
فرع آخر:
لو ارتضع أربع رضعات في الحولين، ثم التقم الثدي منها حتى وصل اللبن إلى الجوف وانقضى الحولان وهو عضها ثم قطعها، فقد جعل نصف الرضعة في الحولين فهل يحرم وجهان والصحيح التحريم.
وقال بعض أصحابنا: إذا حال الحول الثاني قبل انتهاء الرضعة الخامسة لا تثبت؛ لأن الرضاع ما كمل في مدة الحولين، وحكاه عن الأم ذكره المحاملي في المجموع وفيه نظر.