أراد به أن الابن الذي ولد من الزنى إذا كبر وتزوج وولد له بنت جان للزاني أن يتزوج بها لأن المولود من الزنى ليس ابن له فلا تحرم ابنته عليه فكذلك إذا ولدت للمزني بها بنتا لم تحرم عليه، وقيل: قرى بنات الذي ولده من زنى برفع الدال على الاسم فمعناه أكره للزاني في الورع أن ينكح بنات ابنه من الزنى [ق ١٦٧ أ] وقرى ولده بفتح الدال على الفعل فمعناه أكره لولد الزنى أن ينكح بنات الزاني الذي ولده.
وقال ابن أبي أحمد في المفتاح: ولا يجوز للرجل أن يتزوج بابنته من زنى كما قال أبو حنيفة قال: وقوله: " وأكره في الورع أن ينكح بنات الذي ولده من زنى " أي أكره المرضع بلبن الزنى أن تنكح بنات الذي ولد له من زنى - يعني بنات الزاني - فإن فسخ لم أفسخه لأنه ليس ابنه من الرضاع، قال: وهذا باب لبن الرجل والمرأة مقصده المرضع بلبن الزنى الموافق به.
وقال القفال: مقصوده أمر الرضع - أي إني وإن أبحث له أن ينكح ابنه ولده من الزنى فأكره ذلك فكذا أكره آن ينكح المرضعة بلبن الزنى، وإنما صور في ابنة ولده من الزنى ولو صور في ابنته من الزنى جاز، ثم ذم الحديث في أنه لا ينسب ولد الزنى إلى الزاني بقوله- صلى الله عليه وسلم - في ابن وليدة زمعة:"هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش وللعاهر الحجر" ومعناه: لا شيء له بحال؛ لأن عادة المبالغة في قطع العلائق يقولون له: الحجر وبنية الحجر أي لا شيء له، وقول الشافعي: ابنته أو ابنه من الزنى على المجاز لا على الحقيقة لأنه لا خلاف في أنه لا ينسب إليه ولا يتشرف بشرف الرأي، وعلى هذا لو كان له ابن من الزنى وابنة صحيحة النسب جاز النكاح بينهما لأنها ليست أخته لكنه يكره.
ثم شبه الشافعي هذا الاحتياط بالاحتياط الذي أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سودة وهو الاحتجاب من ابن وليدة زمعة فقال: لما ألحق ذلك الغلام بزمعة لزوجته سودة بنت زمعة " احتجبي منه لا يزال فضلا" فلم يرها الغلام قط، وإنما أمرها بذلك لما رأى من شبه الغلام بعتبة الذي ألم بها في الجاهلية [ق ١٦٧ ب] كذلك هاهنا يأمر بالاجتناب من نكاح ابنته من الزنى احتياطا.
ثم قال المزني: وقد كان أنكر على من قال: بتزويج ابنته من زنى ويحتج بهذا.
وقد زعم أن رؤية ابن زمعة سودة مباح وأنه كرهه، فكذلك في القياس لا يفسخ نكاحه، وإن كرهه ولم يفسخ نكاح ابنه من زنى بناته من حلال بقطع الأخوة فكذلك من القياس، لو تزوج ابنته من زنى لم يفسخه، وإن كرهه لقطع الأبوة ولا حكم عندنا للزنى لقول رسول - صلى الله عليه وسلم - "وللعاهر الحجر، في معنى الأجنبي في مذهبه هذا وبالله التوفيق فأوهم المزني أن الشافعي لا يجوز للزاني نكاح ابنته من زنى آنه أنكر هذا القول على من قاله.
ثم احتج على الجوار كما ترى، وأوهم أن المسألة عن قولين وليس كذلك، وهو غلط في ذلك، وذلك أن الشافعي إنما أنكر على من قال: يجوز للزاني نكاح ابنته من زنى من غير كراهية، وهذا مذهب بعض السلف وحكاه صاحب الحاوي عن المزني فقال