ومن أصحابنا من قال: لا يجوز للمحرم أن ينظر من المحرمة إلا إلى ما يظهر منها غالباً عند الفصلة والمهنة، فمن قال بهذا اعتذر عن هذا النص بأن قال: ثدي المرضعة في أيام الرضاع لضرورة الرضاع يلتحق بأطرافها التي تطهر منها عند الفصلة والمهنة فكذلك جوز للمحرم أن ينظر إليه، فإذا انقضت أيام الرضاع انقضت الضرورة فلا يجوز له النظر إليها حينئذ، وقال الزهري، والأوزاعي: تقبل في غير هذه الأشياء شهادة امرأة واحدة، وقال مالك، والثوري: يقبل قول امرأتين، وقال الحسن، وعثمان البتي في الرضاع تقبل شهادة ثلاث نسوة.
وقال أبو حنيفة: تقبل في الولادة خاصة شهادة القابلة وحدها إذا كان هناك نكاح قائم [ق ١٧٢ أ] أو حمل ظاهر، وهذا كله غلط لأن الله تعالى لما أجاز شهادة النساء في الدين جعل امرأتين يقومان مقام رجل واحد ولا بها من الأربع: أو تقول ما قبل فيه شهادة النساء لم تقتصر به على امرأتين كالمال أو كل موضع لا يقبل فيه شهادة رجل واحد يقبل فيه شهادة امرأتين كالمال.
مسألة:
قال:«وإن كانت المرأة تنكر الرضاع وكانت فيهن أمها أو بنتها جزن عليها».
إذا ادعى الزوج أن بينهما رضاء وأنكرت المرأة فقد اعترف الزوج بأنه لا نكاح بينهما فيقبل إقراره في فسخ النكاح؛ لأن حقه وقول الإنسان مفبول في إزالة حق نفسه. فإذا تقرر هذا نظر فيه، فإن لم يكن له بينة على الرضاع قبل إقراره في حق نفسه وهو فسخ النكاح دون حقها وهو المهر، فإن كان قبل الدخول فلها نصف المسمى، وإن كان بعد الدخول فلها كل المسمى، وإن كانت له بينة، فإن كان قبل الدخول فلا شيء لها؛ لأنه لم يكن بينهما زوجته، وإن كان بعد الدخول فلها مهر مثلها، فإذا ثبت هذا، فإن الحاكم يقبل فيه شهادة أربع نسوة، وإن كان فيهن أم المرأة أو ابنتها.
قال الشافعي: قبلت شهادتهما عليها؛ لأن شهادة الأم والبنت تقبل عليها، وإنما لا تقبل لها، فإن قيل: كيف تتصور شهادة البنت على أمها من الرضاع؟ قلنا: لا يتصور أن تشهد بأنها أرضعت زوجها في صغرة فلما كبر تزوج بها وتجوز أن تشاهد بنتها ذلك ويجوز أن تكون قد أرضعته أم الزوجة فيكون هو أخاها فتشهد بنتها بذلك.
قال: وإن كانت تدعي الرضاع لم يجزيه أمها ولا أمهاتها ولا نبتها ولا بناتها [ق ١٧٢ ب] كان ذلك شهادة لها ولا يقبل شهادة الإنسان لأمه وبنته، وإن كان فيهن أم الزوج أو بنته، قبلت شهادتهما، لأنها شهادة على الزوج، وأما الإقرار بالرضاع لا يثبت