للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم اعلم أن الرضاع إن كان لا يثبت إلا بأربع نسوة، فإذا شهدت امرأة أو أخبرت بالرضاع فالاحتياط أن لا ينكحها، وإن كانت تحته فالاحتياط أن يطلقها والدليل عليه ما ذكر الشافعي من خبر السوداء وتمامه ما روي أن عقبة بن الحارث تزوج بأم يحيى بنت أبي أهاب بن عمر فجرت بينها وبين امرأة سوداء في جوارها خصومة، فأشاعات السوداء الخبر في الجيران أني أرضعتها وزوجها، فسمعه عقبة بن الحارث فساءه ذلك فسأل أهله وأهلها؛ فقالوا: لا نعلم أنها أرضعتك وذلك بمكة فركب إلى المدينة، وقال: يا رسول الله إني تزوجت بابنة أبي أهاب فزعمت امرأة سوداء أنها أرضعتني وإياها، فوالله ما أرضعتني ولا أخبرتني قبل ذلك فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعادها فقال له في الثالثة أو الرابعة «كيف وقد زعمت السوداء أنها أرضعتكما».

وروي أنه قال: «كيف وقد قيل» فطلقها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الشافعي: إعراض رسول الله صلى الله عليه وسلم يشبه أن يكون كره له أن يقيم معها، وقد قيل إنها أخته من الرضاعة وهو في معنى ما قلنا يتركها ورعاً لا حكماً.

مسألة:

قال: «ولو قال رجل هذه أختي من الرضاعة أو قالت هذا أخي من الرضاعة».

الفصل:

إذا اعترف الرجل أن هذه ذات محرم لي من رضاع بنتي أو أختي أو اعترفت لا يخلو إما أن يكون قبل النكاح [ق ١٧٤ ب] أو بعده، فإن كان قبل النكاح فإن كان هو الذي أقر بذلك لم يحل له نكاحها لأنه حق عليه وإن كانت هي أقرب بذلك لم يحل لها أن تتزوج به لأنه إقرار فيما هو عليها وقبل ذلك على نفسها ولا يتعلق به ضرر على غيرها هذا إذا كان في وقت يمكن ذلك فإن كان على وجه لا يمكن ذلك مثل أن يقول لمن هو أكبر سناً منه هذه بنتي أو تقول الزوجة: هذا ابني وهو أكبر سناً منها سقط قولهما ولا اعتبار به خلافاً لأبي حنيفة حيث قال: يحرم بذلك كما قال إذا قال لعبده وهو أكبر سناً منه هذا ابني يعتق فإذا ثبت هذا فكل موضع صح الاعتراف نظر فإن أقاما عليه فالحكم على ما مضى، وإن رجعا عنه وقالا: كذبنا وليس بيننا حرمة الرضاع، فإن كان الإقرار صحيحاً حرمت عليه في الظاهر والباطن وإن كان الإقرار كذباً حرمت في الظاهر دون الباطن.

وعند أبي حنيفة: الإصرار على هذا الإقرار شرط، فإذا رجعا جاز النكاح، وهذا غلط لأن الإقرار إذا كان محرمه من حرمات الله تعالى على التأييد كان الرجوع عنه محالاً كما لو أقر بنسب أو أقرب به، ثم رجع لا يقبل رجوعه والرضاع يجري مجرى النسب

<<  <  ج: ص:  >  >>