إنما استحب الشافعي الاقتصار على امرأة واحدة ليكون أسلم لدينه وأبعد من الغرور فربما يقع فيما لا يمكن القيام بواجبه من النفقة والكسوة والقسم.
وقال ابن داود، وطائفة من أهل الظاهر الأولى [ق ١٧٩ ب] أن يستكمل نكاح الأربع إذا قدر على القيام بها ولا يقتصر على واحدة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم مات عن تسع نسوة، وقال صلى الله عليه وسلم:"تناكحوا تكاثروا" وهذا غلط لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان معصومًا من الميل والجور، وتضييع الحقوق بخلاف الأمة. وأما قوله:"تناكحوا تكاثروا" إنما ندب على الاستكثار من النسل وذلك لا يتعلق بكثرة النساء، فقد يولد للرجل من المرأة الواحدة عدة أولاد ولا يولد من النسوة مثل ذلك.
وقال صاحب "الحاوي" أولى المذهبين عندي اعتبار حال الزوج، فإن كان ممن لا تقنعه الواحدة لقوة شهوته وكثرة جماعه فالأولى أن ينتهي إلى العدد المقنع من اثنتين أو ثلاثة أو أربع ليكون أغض لطرفه وأعف لفرجه إن كان يقنعه الواحدة فالأولى أن لا يزيد عليها وهذا حسن.
جملته أن على الرجل نفقة امرأته وكسوتها على ما يجيء بيانه فيما بعد إن شاء الله. وأما الخادم فإن كان مثلها مخدومه في العادة لفضلها وجلالتها فعليه إخدامها، وإن كان مثلها لا يخدم لخساسها وضعه نسبها فليس عليه إخدامها بل يخدم نفسها والمرجع في هذا إلى العرف والعادة ولا يعتبر ما ترتب المرأة نفسها به، فإن كانت دنية فكبرت لم يجب عليه إخدامها، وإن كانت جليلة فتواضعت وخدمت نفسها لم يسقط إخدامها متى طلبته، فإن مرضت أو زمنت واحتاجت إلى من يخدمها وجب عليه إخدامها دنية كانت أو جليلة كما إذا كان له ابن صغير يلزمه نفقته، وأن يخدمه خادمًا، وقيل: يعتبر من كون المرأة مخدومة عرف الشرع وعرف البلد [ق ١٨٠ أ] فإن عادة أهل مصر الاستخدام وعادة أهل السواد أن يخدموا ولا يستخدموا.
وقال داود: لا يجب إخدامها لما روي أن فاطمة رضي الله عنها طلب من علي رضي الله عنه جارية فقال لها: اطلبي من أبيك صلى الله عليه وسلم فطلبت فلم يعطيها، وهذا غلط لقوله تعالى:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء: ١٩] وهذا من المعروف، ولأن الخدمة من جملة