السلام بعد القعود قدر التشهد، قام مقام السلام، وتمت به الصلاة.
وأما سهو الحدث، فكالعمد سواء. وأما سبق الحدث يبطل الطهارة قولاً واحداً، وهل تبطل الصلاة؟ قولان. قال في "القديم ": "لا تبطل الصلاة" وعلق القول في هذا في "الإملاء": فيتوضأ ويبني على صلاته ما لم يتطاول أو يتكلم. وبه قال أبو حنيفة وابن أبي ليلى وداود.
وقال في "الجديد": "بطلت صلاته، فيتوضأ ويستأنف". وبه قال مالك وابن شبرمة. وروي هذا عن المسور بن مخرمة. وروي نحو قول "القديم" عن عمر وعلي وابن عمر رضي الله عنهم، وهذا هو الصحيح بدليل ما روى أبو داود في "سننه" بإسناده أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال:"إذا قاء أحدكم في صلاته فلينصرف وليتوضأ وليعد صلاته"، لأنه حدث يمنع المضي في صلاته، فيمنع البناء عليها كما لو رمي بحجر فشج.
واحتجوا بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال:"من قاء أو رعف، فلينصرف وليتوضأ وليبن على صلاته ما لم يتكلم".
قلنا: قال أبو حاتم الرازي، هذا مرسل، لأنه يرويه ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يحمل قوله:"بنى على صلاته" على الاستئناف، لأنه يقال لمن فعل مثل ما مضى بنى، وفي هذا نظر. وحكي عن مالك أنه قال: إن كان [١٢٤ ب / ٢] في أول الصلاة بنى، وإن كان في آخرها استأنف، وهذا بعيد عن الصواب.
فرع
لا فرق في سبق الحدث عندنا بينه وبين النجاسة إذا خرجت من بدنه من القيء أو الرعاف، فعلى قوله القديم: يغسل النجاسة ويبني على صلاته ما لم يتطاول الفصل لما يخالف الصلاة من أكل أو كلام أو عمل طويل، ولو فار دم جرحه، فلم يصب شيا من بدنه مضى في صلاته على القولين معاً، ذكره في "الحاوي": وسمعت شيخنا الإمام ناصر رحمه الله يقوله: لخبر المهاجري والأنصاري، وهو معروف مذكور ووجه الدليل أنه لم يقطع صلاته بالرمية الأولى والثانية، لأن ما انفصل عن البشرة في الحكم غير مضاف إليه، وان كان الدم متصلا بعضه بالبعض كما لو قلب الماء من إناء على نجاسة فيتغير بها، فالمتغير نجس وما في الطريق طاهر.
فَرْعٌ آخرُ
إذا قلنا بقوله القديم، فانصرف ليتوضأ فبال الباقي، له أن يبني على صلاته أيضا، لأن الذي سبق منه هو الذي أبطل الطهارة، وبطلان الطهارة لم يبطل الصلاة على هذا القول.