غير عقد أو وجد في عقد فاسد فلا نفقة، وتنبغي أن يكون التمكين كاملاً وهو أن تمكنه نفسها علي الإطلاق ولا يعترض في مكان مقامها وسكناها، فإن اعترضت فقالت: أنا أجلس في بيتي أو بيت أبي أو أنتقل معك إلي محلة طيبة [ق ١٩٢ أ] أو لا أسافر معك فلا نفقة، ولو عقد عليها عقد النكاح، ولم يظهر منها تسليم بالقول والامتناع ولا من الزوج مطالبة به فلا نفقة لها لأن الأصل أن لا نفقة لها حتى يحصل التسليم ولا يحصل ذلك إلا أن تقول: سلمت نفسي إليك فاحملني حيث شئت، وإذا أوجبت النفقة يلزمها إعطاءها، فإن أعطاها وإلا ثبتت في ذمة، وإذا مكنته نفسها هكذا، فإن كان حاضراً وجبت النفقة من حيث ما ذكرت، وإن كان غائباً فجاءت المرأة إلي الحاكم، وأظهرت تسليم نفسها، فإن الحاكم يكتب إلي الزوج بأنها قد سلمت نفسها إليك، فإن أخذ في المسير في الحال، وقدم عليها وتسلمها اتفق عليها من حين القدوم، وإن ترك المسير مع الإمكان فالنفقة يجب في ذمته من وقت انقضاء المدة التي يمكن فيها المسافة لأن الامتناع من جهته، وإن كان الزوج كبيراً، وهي لم تبلغ إلا أنها مراهقة يمكن الاستمتاع بها فإن حكمها حكم الكبيرة، فإن سلمت نفسها استحقت النفقة لأن التسليم المستحق قد حصل، وإن سلمها أهلها صح أيضاً واستحقت النفقة لأن التسليم مستحق علي أهلها فأنها ليست بمخاطبة ويخالف الكبيرة في ذلك، فإن الكبيرة لا يصح تسليم أهلها لها وإنما الاعتبار تسليمها نفسها.
وقال بعض أصحابنا: يحتمل أن يقال إنها سلمت نفسها لا تجب النفقة إلا بعد أن تسلم ولا تجب ببذلها أنه لا حكم ليبذلها، وإن كانت صغيرة لا يمكن الاستمتاع بها وهو كبير.
قال في "الأم" وفي كتاب عشرة النساء: لا نفقة لها، وقال في موضوع آخر ولو قال قائل لها النفقة [ق ١٩٢ ب] كان مذهباً فالمسألة علي قولين:
أحدهما: لا نفقة لها، وهو الصحيح واختاره المزني لأنه لا يصح تسليمها منه، وبه قال أبو حنيفة، ومالك، وأحمد: وهذا إذا لم يكن فيها استمتاع لا يحصل التمكين ويفارق المريضة، لأن الاستمتاع يمكن فيها يمكن ولكنه نقص بالمرض.
والثاني: لها النفقة لا محبوسة عليه من غير تفريط في تسليم نفسها إليه فوجبت النفقة لها كالمريضة التي لا يمكن الاستمتاع بها، وإن كان الزوج صغيراً والمرأة كبيرة فسلمت نفسها.
قال في "الأم" وفي كتاب عشرة النساء: لها النفقة وهو الصحيح، واختيار المزني، وقال في موضوع آخر: ولو قال قائل لا نفقة لها كان مذهباً ففيها قولان:
أحدهما: لا نفقة لها، وبه قال أحمد في رواية لأنه لا يمكن الاستمتاع بها كما لو غابت ولا، التسليم إذا تعذر لا فرق بين أن يكون لمعني في المستحق عليه أن يسقط ما يقابله كتسليم المبيع.