وقته، فإذا لم تستحقه استرجع منها ويفارق الزكاة حيث قلنا إذا دفعها قبل الحول، ولم يشترط أنها معجلة، ثم خرج عن زكته من أصل الزكاة، لا يسترجع، لأن الظاهر لا يدل علي أنه يدفعها واجباً فاحتاج إلي الشرط ليعلم، وفي النفقة الظاهر أنه يعجل ما وجب لها فلا حاجة إلي الشرط.
وقال غيره من أصحابنا: وهو الصحيح أنه إن شرط عليها أنها نفقتها أسلفها إياها رجع بها عليها، وإن لم يشرط فلا يرجع لأنه لا يدري أعطاها للنفقة أو هبة من جهته ولذلك لو أنفق عليها في زمان يخلعها فإن كانت بشرط أن يغطيها للنفقة جاز أن يسلم فلم يسلم له الرجوع وإلا فلا رجوع ولا فرق في الحقيقة بين مسألة الزكاة، وهذه المسألة فيختلف الإطلاق والشرط، وفي دليل علي أن الهبة لا يفتقر فيها إلي لقط الهبة والإيجاب والقبول بخلاف ما قال بعض أصحابنا لأن الشافعي جعله تطوعاً عند الإطلاق، فإن قيل: يحتمل أنه أباحه قلنا: هذا لا يصح، لأنه لو كأم إباحة لشرط أن يكون قد أتلفها حتى يسقط حقه منها.
تقدير الكلام الحرة المسلم والكتابية لأن الحرة قد تكون كتابية، وقد تكون مسلمة وحكمها واحد وكان الأولي أن يقول وعلي العبد نفقة لامرأته المسلمة والكتابية ويحتمل أن يقال: أراد بالكتابية المكانية ويجوز أن يسمي المكاتبة كتابية نسبة إلي الكتابة والكتاب، قال الله تعالي:{والَّذِينَ يَبْتَغُونَ الكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النور:٣٣] يعني الكتابة، وقد ذكرنا في كتاب النكاح [ق ١٩٨ أ] أنه يلزم علي العبد أن ينفق علي امرأته حرة كانت أو أمة أو مكاتبة أو ذمية أو مسلمة شرط ذلك عليه في عقد النكاح أولا نفقته نفقة المقتر ولأنه لا يملك شيئاً فهو أسوأ حالاً من الحر المعسر لأنه لا يجوز أن يستفيد ملكاً، وهذا لا يملك، وإن ملك وإن قلنا بالقول القديم انه يملك إذا ملك فلا يلزمه إلا نفقة المقتر لأنه لا يكون كامل الملك.
قال: وحكي أصحابنا عن مالك أنه قال: إذا لم يشترط في عقد النكاح نفقة لم يجب لأنه إذا لم يشترط يكون وجوبها علي طريق المواساة ولا يجب علي العبد المواساة بدليل أنه لا يلزمه نفقة أقاربه، وهذا غلط، لأن نفقتها تجب في مقابلة التمكين عوضاً كالمهر.
فإذا تقرر هذا قد ذكرنا فيما تقدم أنه يجب نفقتها في كسبه، فإن لم يكن له كسب، قال في القديم: تجب في رقبته لأن تضمن الإمكان ولا وجه له إلا الرقبة فعلي هذا يباع منه جزء فجزء إلي إن يباع جميعه.