الفسخ الطارئ يجعل بمنزلة النكاح الفاسد، وهذا فسخ وإيجاب السكنى فيه مناقضة ولكنه يتعلق بقول الزوج فيجري مجرى قطع النكاح بالطلاق كمل قلنا في الخلع مع قولنا إنه فسخ قالوا: ويحتمل أن يكون راجعًا إلى المطلقة دون الزوجة، فينظر، إن كانت رجعية حكمها حكم الزوجة، وإن كانت بائنًا هل يجوز اللعان على نفي حملها، قد ذكرنا في كتاب اللعان قولين:
فإذا قلنا له: إنه لاعن فلاعن فالحكم على ما ذكرنا في السكنى والنفقة، وقال القاضي الطبري: إذا قلنا هناك لا سكنى فههنا يحتمل وجهين:
أحدهما: لها السكنى لأنها اعتدت عن الطلاق.
والثاني: لا سكنى لأن نفقتها سقطت لأجل اللعان فلذلك السكنى، وإن أكذب نفسه بعد اللعان رجعت المرأة بنفقتها في زمان الحمل سواء قلنا النفقة للحمل أو للحامل بسببه لما ذكرنا أنها وإن كانت للحمل [ق ٢٠٨ ب] فإنها تتعلق بحقها وتنصرف إلى مصالحها فلم تسقط بمضي الزمان، وقد قال في "الأم" لو كانت أرضعته ثم أكذب نفسه يلزمه أجرة الرضاعة لأنها أرضعته على أن لا أب له إلا أنها تطوعت به. وقال بعض أصحابنا: هذا يدل على أن النفقة قبل الوضع تجب لها وبعد الوضع تجب للحمل فإنه لم يوجب النفقة لها بعد الوضع بل أوجب أجرة الحضانة وأجراها مجرى الأجرة.
وقال القفال: إذا كذب نفسه بعد الوضع يلزمه الأجرة والنفقة أيضًا قال: ولو استدانت لغيبة الأب أو عند امتناعه من الإنفاق لها الرجوع عليه، وهذه ولاية للأم في ولدها ولا تجعل متبرعة بذلك، وهو أصح عندي ويحتمل أنه أراد أجرة الرضاع نفقتها على التمام فإن قال قائل: لو لم ينف ولدها فأعتقت هي عليه قلتم: لا يرجع عليه فما الفرق قلنا: الفرق أن هناك تبرعت بالإنفاق عليه وههنا لم تتبرع بل أنفقت بحكم الحاكم أن الولد منفي ونظير هذا أنه لو قضى دينًا على ظن أنه عليه، ثم بان خلافه له الرجوع، ولو ملك إنسانًا شيئًا ابتداءً ليس له الرجوع وكذلك لو زكى عن ماله على ظن سلامته فبان أنه كان تالفًا وشرط ذلك له الرجوع ولو تصدق عليه به تطوعًا لا رجوع وكذلك لو كان الأب موسرًا فظن أنه معسر فأنفق عليه، ثم ظهر ذلك له الرجوع ولو علم يساره فتبرع فلا رجوع وكذلك لو كان الأب معسرًا فظن أن ابنه معسرًا أيضًا فاستقرض وأنفق على نفسه، ثم بان له يسار ابنه يرجع في ماله بما استقرض ولو علم يساره فاستقرض ولم يطالبه لم يرجع وكذلك لو غاب الابن الموسر فاستقرض أبوه المعسر وأنفق على نفسه يرجع [ق ٢٠٩ أ] ولو سأل الناس وتكدي وأنفق على نفسه لا يرجع.