أحدهما: لهن ذلك لاختصاصهن بالقربى، وإن ضعفت لأن ضعفها يسقط جهتها مع من هو أقوى منها ولا يسقط مع من عدم قرابتها فعلى هذا لا يجوز العدول عنها إلى الأجانب.
والثاني: لا يستحقن الحضانة بحالٍ لأنه لم يوجد فيهن سبب الاستحقاق ولكن يجوز أن يقدم بذلك على الأجانب من طريق الأولى [ق ٢٣١ أ] دون الاستحقاق كما تقدم المرضعة والجارة، هذا لأن حضانتهن أصلح للصبي من حضانة الأجانب فعلى هذا إن أدى اجتهاد الحاكم إلى العدول منها إلى غيرها من الأجانب جاز. وهذا اختيار أبى إسحاق، لأن الحاكم أحق نيابة عن المسلمين كما في الميراث فإذا قلنا بالأول ففي أحقهم بها إذا اجتمع الذكور والإناث وجهان:
أحدهما: الذكور أحق بها لقربهم ممن أدلى بهم فيكون أب الأم أحق بالحضانة من أب، والخال أحق بها من ابنته.
والثاني: الإناث مع بعدهن أحق بها ممن أدلى به من الذكور مع قربهم لاختصاصهن بالأنوثة التي هي آلة التربية ومقصود الحضانة فتكون أم أب الأم أحق من أبيها وبنت الخال أحق بها من الخال، وإن انفرد الذكور وتنازعوا فإن كان لأحدهما ولادة دون الآخر كأب الأم والخالة كانت الحضانة لأب الأم لبعضيته ولا قصاص عليه به وعتقه عليه، وإن لم يكن فيها ولادة كالخال والعم من الأم فيه وجهان:
أحدهما: أنهما سواء بينهما ولا اعتبار بمن أدليا به لتساويهما في سقوط الحضانة مع وجود مستحقها.
والثاني: وهو الأشبه يستحقها من قوي سبب إدلائه فيكون الخال لإدلائه بالأم أحق بها من العم للأم لإدلائه بالأب الذي تقدم عليه الأم، ولو كان ابن أخ لأم وعم لأم كان العم للأم أولى لإدلائه بأم الأب التي هى أحق بالحضانة من الأخ للأم.
قد مضى الكلام إذا اجتمع نساء القرابات ولا رجل معهن وهذه المسألة إذا اجتمع الرجال والنساء والحكم فيها بأن الأم وأمهاتها أولى من جميع الأقارب لما ذكرنا أن لهن ولادة وهن من أهل الحضانة بأنفسهن [ق ٢٣١ ب] فإن عدمن الأقارب اللاتي تدلين بالأب كالأمهات للأب والأخوات للأب والعمات لا حق لهن مع الأب بل يقدم الأب عليهن لأنهن يدلين به فكان المدلى به أحق من المدلى.