وقيل: إن كانت العصبة ابن العم لا تخير الجارية بينه وبين الأم إذ لا يحل له الخلوة بها، قال القفال: إلا أن تكون صغيرة لا تشتهي مثلها فحينئٍذ هو كالغلام يخير بين أمه وبينه أيضاً وهذا غريب.
قد ذكرنا فيما مضي أن الأب إذا أراد أن يتقبل إلي بلد آخر، فإن الأب أحق بالولد [ق ٢٣٥ ب] من الأم. قال الشافعي:" موضعاً كان أو كبيراً" وأراد به سواء كان طفلاً أو قد بلغ الحد الذي يخير بين الأبوين، فإن الأب يكون أحق به، إلا أن يريد أن ينتقل إلي بلدٍ غير مأمون من النهب والغارة فتكون الأم أحق به، وهذا لما ذكرنا أن الأنساب لا تبقي ولا تجئ بالأمهات، وإنما يجئ بالإباء، وربما يتطاول الزمان بعد نقله فيندس نسب الولد ويخفي، والنسب إذا اندرس أضر بالولد والوالد جميعاً، ولا فرق بين أن تكون البلدة التي نكحها بها بلدة مقامها أو غير ذلك خلافاً لأبي حنيفة، حيث فصل بين أن ينكحها في بلدها وبين أن ينكحها في غير بلدها، ولا فرق بين أن يكون الولد ذكراً كان أو أنثي؛ لأنها في الحاجة إلي النسب سواء، وقد ذكرن أنه لو أراد الخروج للتجارة أو النزهة فالأم أحق وليس له أن يحمل الولد معه؛ لأنه لا يندرس به النسب، وإن اختلفا فقال الأب: أريد النقلة، وقالت الأم: تريد التجارة فالقول قول الأب؛ لأن المرجع في ذلك إلي عزيمته وقصده، وهو أعلم بذلك، ويلزمه اليمين لتعلقه بسقوط حقها من الحضانة.
وقال القفال: القول قوله بلا يمين؛ لأنه أمر في المستقبل، والصحيح ما ذكرنا. وكل موضع قلنا: الأب أحق ويبطل حق الأم/ من الحضانة، فلو قالت الأم: أنا أنتقل إلي ذلك البلد أو عاد الأب إلي بلدها كانت علي الحضانة.
ثم قال الشافعي:"وكَذلِكَ العَصْبةُ".
ومعناه إذا لم يكن للوالدات كان له عصبة من جانب الأب وأراد العصبة النقلة