قال:" للمملوك طعامه وكسوته [ق ٢٣٦ ب] بالمعروف ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق".
قال الشافعي: ومعني قوله لا يكلف من العمل إلا ما يطيق الدوام عليه.
وروي عن أبي المعرور سويد أنه قال: لقيت أبا ذر بالربذة وعليه ثوب حلة وعلي غلامه مثله فقال له رجل: يا أبا ذر لو أخذت هذا الثوب من غلامك فلبسته وكسوت غلامك ثوباً آخر، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما سيلبس ولا يكلفه ما يغلبه، فإن كلفه فليعنه".
وروي أنه قال له رجل: أ: سوت غلامك مما تلبس فقال أبو ذر: إني سأبيت غلاماً لي فرفعت يدي لأضربه فلم يفجأني إلا رجل أخذ بيدي فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال: هذا وقال: "لا تكلفه من العمل ما لا يطيق".
فإذا تقرر هذا لا يخلو إما أن يكون مكتسباً أو غير مكتسب، فإن لم يكن مكتسباً بأن كان زمناً أو أعمي أو طفلاً لا كسب له لزمه أن ينفق عليه من سائر أمواله أو يبيعه، أو يعتقه، فإنه إذا أعتقه حلّ له أن يأخذ الصدقات فيستغني بها، وإن كان مكتسباً، فإن كان في كسبه وفاءً بنفقته، فقد فعل الواجب، وإن لم يكن وفاء وجب علي السيد إتمامه من سائر ماله، وإن كان أكثر من نفقته لزم العبد أن يدفع ما زاد عليها إلي السيد.
وأما مقدار النفقة فهو ما يكفي مثله في ذلك البلد غالباً من القوت والأدم، ولا يعتبر حاله في نفسه فإنه ربما يكون كبيراً كون اعتاد كثرة الأم: ل وإنما تعتبر عادة مثله.
ومن أصحابنا من قال: إذا كان لا يكفيه قدر الغال واعترف السيد به يلزمه قدر كفايته، كما إذا كان يكفيه أقل من ذلك لا يلزمه الزيادة؛ لأنه لا طريق للعبد إلي تحصيل شيء إلا من جهة كسبه وكسبه لسيده.
قال في "الحاوي"[ق ٢٣٧ أ] إن كانت الزيادة تؤثر في قوته وبدنه يلزمه الزيادة، وإلا فلا يلزم ويعتبر جنس القوت بغالب عرف البلد سواء كان قوت سيده أو دونه أو فوقه، ويلزمه مثله أيضاً، فإن كان ببغداد فالخبز الخشكار، وإن كان بالمدينة فالثمر، وإن كان بخراسان فالبر، وإن كان بطبرستان فالأرز، وإن كانوا في موضوع يقتاتون الشعير فمنه.
ثم تكلم الشافعي علي الخبر في تفسيره المعروف فقال: فعلي مالك المملوك الذكر