فأما ما شق بحده فقطع الجلد ومار في اللحم كالسيف والسكين، والسنان والحربة، وهذا يجمع نفوذاً، وقطعاً فالقود فيه واحب باتفاق، سواء كان بحديد أو بما يقوم مقام الحديد من محدد الخشب والزجاج والقصب. وأما ما نفذ بدفنه فعلى ضربين:
أحدهما: ما كبر وبعد غور نفوذه كالسهم والمسلة، إذا وصلا إلى الجسد فنفذ فيه وجب فيها القود بعد نفوذها، سواء خرج منها دم أو لم يخرج، لأن خروج الدم غير معتبر في وجوب القود كما لم يعتبر في استحقاق الدية.
والثاني: ما صغر منه كالإبرة، فإن كانت في مقتل كالنحر والصدر والحاضرة والعين ففيهما القود، وإن كانت في غير مقتل كالألية والفخذ نظر حالهما، فإن اشتد ألمها ولم يزل المجروح بها زمناً منها حتى مات ففيها القود، وإن لم تؤلم نظر في الموت فإن تأخر زمانه بعد الجرح بها، فلا قود فيها، ولا دية لعدم تأثيرها في الحال، وإن مات معها في الحال ففي وجوب القود وجهان:
أحدهما: وهو قول أبي إسحاق المروزي: أن القود فيها واجب لأن لها سراية وموراً، ولأن في البدن مقاتل خافية في عروق ضاربة، قال: وهو معنى قول الشافعي جرحاً كبيراً أو صغيراً.
والثاني: وهو قول أبي العباس بن سريج وأبي سعيد الإصطخري: أنه لا قود فيها لأن مثلها لا يقتل غالباً، ولأنه لما مزق في المثقل بين صغيرة وكبيرة، وجب الفرق في المحدد بين صغيرة وكبيرة، فعلى هذا في وجوب الدية عند سقوط القود وجهان:
أحدهما: تحب الدية مغلظة لتردده بين احتمالي قتل وسلامة.
والثاني: أنه لا دية فيه، لأن أقل ما ينفذ من المحدد كأقل ما يضرب به من الثقل، فلما لم تجب الدية في أقل المثقل لم تجب في أقل المحدد.
مسألة:
قال الشافعي:"وإن شدخه بحجر، أو تابع عليه الخنق، أو والي عليه بالسوط حتى يموت، أو طين عليه بيتاً بغير طعام، ولا شراب، مدة الأغلب أنه يموت من مثله، أو ضربه بسوط في شدة برد أو حر، ونحو ذلك: مما الأغلب أنه يموت منه فمات فعليه القود".