بمذهبنا، وهو الأصح ووجهه ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه "أنه لما كف بصره ووقع في عينه الماء حمل إليه عبد الملك بن مروان الأطباء على البرد، فقيل له: إن صبرت سبعة أيام تصلي مستلقياً داويتك ورجوت أن تبرأ عينك، فأرسل إلى عائشة وأبي هريرة وغيرهما من الصحابة يسألهم عن ذلك فكل قال: إن جاءك الأجل في السبعة الأيام، فما تصنع بصلاتك؟ فترك معالجة عينه".
وروي أن عياش كره ذلك، وقال: بلغني "أن من ترك الصلاة، وهو يستطيع أن يصلي لقي الله، وهو عليه غضبان". وقال القاضي الطبري:"عندي أنا إذا قلنا: يجوز ترك الماء، والاقتصار على التيمم لخوف إبطاء البرء والزيادة في العلة جاز ههنا ترك القيام"، وهذا أصح عندي.
فَرْعٌ آخرُ
من لم يستطع أن يصلي جالساً جاز له ترك الجلوس وكيف يتوجه إلى القبلة) المذهب أنه يصلي على شقه الأيمن متوجهاً إلى القبلة معترضاً كما يوضع الميت في اللحد، نص عليه في "البويطي". وقال فيه: وان لم يستطع استلقى على ظهره ورجلاه إلى القبلة. وبه قال أحمد، وقال صاحب "الإفصاح": "يكون على جنبه الأيمن ورجلاه إلى القبلة حتى إذا أومأ يكون إيماؤه إلى ناحية القبلة"، والأول ظاهر كلام الشافعي. وهذا الثاني لا يصح، لأن التوجه إلى القبلة إنما يعتبر في غير حال الركوع والسجود، لأن الصحيح إذا ركع كان في وجهه إلى الأرض وسجوده إليها، وههنا يكون وجهه إلى غير القبلة على ما ذكرنا قبل الإيماء.
وقال أبو حنيفة:"صلي على ظهره [١٣٤ أ / ٢] مستلقياً ورجلاه في القبلة بحيث إذا رفع وسادته قليلاً، كان وجهه نحو القبلة"، وهو قول بعض أصحابنا بخراسان: ولا يصح، لأن المستلقي يستقبل السماء ولا يستقبل القبلة، ولأن في خبر عمران بن الحصين رضي الله عنه، "فإن لم تستطع فعلى جنب".
وروى علي رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال:"يصلي المريض قائماً، فإن لم يستطع فجالساً، فإن لم يستطع صلى على جنبه مستقبل القبلة، فإن لم يستطع صلى مستلقياً على قفاه ورجلاه إلى القبلة وأومأ بطرفه"، وعلى أي صفة صلى، فإذا جاء وقت الركوع والسجود، فإن قدر عليهما، وإلا أومأ بعينيه وحاجبيه، إذا لم يقدر أن يومئ برأسه ويكون السجود أخفض من الركوع.
فَرْعٌ آخرُ
إذا صلى على جنبه الأيسر، قال أبو حامد: لو قلنا: تجزئه صلاته لم يبعد، فإن الاعتبار باستقبال مقدمه.