لجميعها، فشارك المتأخر الأسبق لاشتراكهما في الذمة، ومحل القود الرقبة، وهي تضيق عن اقتصاص الجماعة، ولا يتسع إلا لواحد، فيقدم الأسبق بها على المتأخر، فإن عفا الأول عن القصاص إلى الدية عرض القصاص على الثاني، فإن استوفاه رجع الأول ومن بعد الثاني بدياتهم في مال القاتل، وإن عفا الثاني عن القصاص إلى الدية عرض القصاص على الثالث، ثم على هذا القياس في واحد بعد واحد إلى آخرهم، فلو عمد الإمام فقتله للأخير فقد أساء وأثم إن علم بتقدم غيره، ولا يأثم إن لم يعلم ولا ضمان عليه في الحالين، وهكذا لو بادر ولي الأخير فقتله قصاصا لم يضمنه، وعزر عليه ورجع الباقون بدياتهم في مال القاتل، ولو كان ولي الأول صغيرا أو مجنونا أو غائبا وقف الاقتصاص من القاتل على إفاقة المجنون وبلوغ الصبي، وقدوم الغائب ثم عرض الإمام عليهم القصاص على ما مضى، فإن لم ينتظر به الإمام بلوغ الصبي وإفاقة المجنون وقدوم الغائب وعجل قتله قصاصا لم يخل من أحد أمرين:
إما أن يقتله لهم، أو يقتله لأولياء من بعدهم، فإن قتله لهم لم يكن ذلك قصاصا في حقهم ولا حق غيرهم، لأن لهم العدول عن القصاص إلى الدية فلم يجز أن يفوت عليهم حقهم منها ويصير الإمام ضامنا لدية المقتص منه، لأن قتله لم يكن قصاصا وهل تكون الدية على عاقلته أو في بيت المال؟ على ما مضى من القولين، وإن قتله لمن حضر أولياؤه عن أمرهم جاز وقد أساء بتقديمهم على من تقدمهم، وإن قتله بغير أمرهم كان على ما مضى من قتله في حق الصغير والمجنون والغائب.
وأما القسم الثاني: وهو أن يكون قد قتل الجماعة في حالة واحدة، فإن سلموا القود لأحدهم كان أحقهم به، ورجع الباقون بالديات في تركته، وإن تشاحوا فيه وطلب كل واحد أن يقاد يقاد بقتيله أقرع بينهم واختص بقتله من قرع منهم، ورجع الباقون بدياتهم في تركته، فإن بادر أحدهم فاقتص منه بقتيله من غير قرعة، فإن كان بأمر الإمام فقد أساء الإمام ولم يعزر المقتص، وإن كان بغير أمره عزر، وقد استوفي بالاقتصاص حقه ورجع الباقون بدياتهم في تركته، فإن ضاقت اقتسموها بينهم بالحصص من غير قرعة في التقدم، وإن كان للمقتص منه غرما ضربوا بديونهم مع أولياء المقتولين بدياتهم في التركة ليتوزعوها بينهم على قدر حقوقهم.
وأما القسم الثالث: وهو أن يشكل حال قتله لهم هل ترتبوا، أو اشتركوا؟ فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يعترف أولياء جميعهم بالإشكال، فيقال لهم: إن سلمتم القصاص لأحدكم كان أحقكم به وإن تشاححتم أقرع بينكم واقتص منه من قرع منكم.
والثاني: أن يختلفوا ويدعي كل واحد منهم أنه الأول، فإن كانت لأحدهم بينة عمل عليها، وإن عدموها رجع إلى الجاني القاتل، فإن اعترف بالتقدم لأحدهم كان أحقهم بالقصاص، وإن لم يعترف أقرع بينهم لنكافئهم، واختص بالقصاص من قرع منهم،