والثاني: أن يحكم عليه الحاكم بالمنع من القود, فالصحيح أن عليه القود لنفوذ حكمه برفع الشبهة فيه.
والثالث: أن لا يكون من الحاكم فيه حكم بتمكين ولا منع, ففي وجوب القود عليه قولان منصوصان:
أحدهما: لا يجب عليه القود, وهو مذهب أبي حنيفة لأمرين:
أحدهما: إنه شريك في استحقاق النفس التي قتلها فوجب أن تكون الشركة شبهة في سقوط القود عنه كالأمة بين شريكين, إذا وطئها أحدهما سقط الحد عنه لشبهة الشركة.
والثاني: أنه لما قتل نفسا استحق بعضها لم يجز أن يقاد من نفسه التي لم يستحق بعضها, لعدم التكافؤ كما لا يقاد الحر بمن تصفه عبد ونصفه حر.
والقول الثاني: يجب عليه القود, وإن كان شريكا لأمرين:
أحدهما: أن القود يجب في قتل بعض النفس كما يجب في قتل جميعها, لأن الشريكين في القتل يقاد كل واحد منهما, وهو متلف لبعض النفس, كما يقاد به إذا انفرد بقتله, كذلك هذا الشريك قد صار قائلا لبعض النفس بعد استحقاق بعضها فوجب عليه القود.
والثاني: أن استحقاقه لبعض النفس كاستحقاقه للقود من بعض الحسد, ثم ثبت أنه لو استحق القود من بعض الجسد فقتله وجب عليه القود, كذلك إذا استحق بعض نفسه فقتله وجب عليه القود, وقد خرج من هذين القولين قول فيما ذكرنا صحة حكمه من الأقسام المتقدمة إيجابا وإسقاطا.
فصل:
فإذا تقرر توجيه القولين تفرع الحكم عليهما, فإذا قبل بالقول الأول, أنه لا قود على الولي القاتل, وهو اختيار المزني فعليه الدية وقد سقط عنه نصفها, وهو ما استحقه من دية أبيه إذا جعل الين المتماثل قصاصا, وبقي عليه نصف دية قاتل أبيه, وبقي لأخيه نصف دية أبيه, وفي انتقال حقه من هذا النصف عن قاتل أبيه إلي أخيه القاتل قولان منصوصان:
أحدهما: وهو اختيار المزني أنها لا تنتقل ويرجع الأخ بحقه من نصف الدية في تركة قاتل أبيه, ويرجع ورثة قاتل الأب بنصف الدية على الأخ القاتل, وإنما لما ينتقل حق الأخ الذي ليس بقاتل إلي الأخ القاتل, لأنه حقه على قاتل أبيه, فلم ينتقل إلي قاتله كما لو قاتله غير أخيه, فعلى هذا لو أبرأ ورثة قاتل الأب للأخ القاتل بريء, ولو أبرأه أخوه لم يبرأ, لأن ما عبيه من الدية مستحق لورثه قاتل أبيه دون أخيه, ولو أبرخ الأخ ورثة قاتل