للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجل بنقصها بالأنوثية, وجب أن تنقص دية الرجل الكافر عن دية المرأة المسلمة لنقصه بالكفر لأن الدية موضوعة على التفاضل, ولأنه لما أثر أغلظ الكفر وهو الردة في إسقاط جميع الدية وجب أن يؤثر أخفه في تخفيف الدية, لأن بعض الجملة مؤثر في بعض أحكامها, ولأن اختلاف الأمة في قدر الدية توجب الأخذ بأقلها كاختلاف المقومين يوجب الأخذ بقول أقلهم تقويمًا؛ لأنه اليقين, فأما الجواب عن استدلالهم بمطلق الدية في الآية فلا يمنع إطلاقها من اختلاف مقاديرها, كما لم يمنع من اختلاف دية الرجل والمرأة ودية الجنين؛ لأن الدية اسم لما يؤدي من قليل وكثير.

وأما حديث عمرو بن شعيب فقد اختلفت الرواية عنه فتعارضت ويمكن حملها على أنها مثل دية المسلم في التغليظ والتخفيف والحلول والتأجيل حتى لا يكون نقصان قدرها موجبًا لإسقاط حلولها وتغليظها وأما الجواب عن حديث عمرو بن أمية فمن وجهين:

أحدهما: أنه لما تبرع رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحمل الدية عنه جاز أن يتبرع بالزيادة تألفًا لقومهما.

والثاني: يجوز أن يكونا أسلما بعد الخروج وقبل موتهما فكمل بالإسلام ديتهما, وأما الجواب عن قياسه على السلم بعلة أنه محقون الدم على التأييد, ففاسد بالمرأة والعبد, لا يقتضي حقن دماهما على التأييد كمال ديتهما, كذلك الذمي, على أن المعنى في المسلم كمال سهمه في الغنيمة, وأما الجواب عند استدلاله بالعبد في استواء الكفر والإسلام في كمال قيمته فهو أنها لما تساوى فيهما الذكر والأنثى تساوى فيهما المسلم والكافر, ولما اختلف في الدية الذكر والأنثى اختلف فيها المسلم والكافر, وكذلك الجواب عن استدلاله بالكفارة أنه لما لم يمتنع التساوي فيها من اختلاف الذكر والأنثى في الدية كذلك تساوى المسلم والكافر فيها لا يمنع من اختلافهما في الدية, وأما الجواب عن استدلالهم بالفسق فهو أن الفسق لا يسلبه أحكام الإسلام فساوى في الدية, والكفر يسلب أحكام الإسلام فخالف في الدية, وأما الجواب عن ضمان ماله كالمسلم فهو أنه لما لم يختلف ضمانه في العمد والخطأ في حق الرجل والمرأة لم يختلف في حق المسلم والكافر, ولما اختلف ضمان الدية في حق الرجل والمرأة اختلف في حق المسلم والكافر والله أعلم.

مسألة:

قال الشافعي رضي الله عنه: "ودية المجوسي ثمانمائة درهم واحتج في ذلك بعمر بن الخاطب - رضي الله عنه".

قال في الحاوي: واحتج في ذلك بعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - اختلف في دية المجوسي فجعلها أبو حنيفة كدية المسلم, وجعلها عمر بن عبد العزيز نصف دية

<<  <  ج: ص:  >  >>