للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة:

قال الشافعي رضي الله عنه: "ولو طلب رجلًا بسيف فألقى بنفسه عن ظهر بيت فمات لم يضمن وإن كان أعمى فوقع في حفرة ضمنت عاقلة الطالب ديته لأنه اضطره إلى ذلك".

قال في الحاوي: وصورتها في رجل شهر سيفًا وطلب به إنسانًا فهرب منه المطلوب حتى ألقى نفسه من سطح أو جبل أو في بحر أو نار حتى هلك فتنقسم حال الهارب المطلوب ثلاثة أقسام:

أحدها: أن يكون بالغًا عاقلًا بصيرًا فلا ضمان على طالبه من قود ولا دية لأمرين:

أحدهما: أن الطلب سبب والإلقاء مباشرة, وإذا اجتمعا سقط حكم السبب بالمباشرة.

والثاني: أنه وإن ألجأه بالطلب إلى الهرب فلم يلجئه إلى الوقوع؛ لأنه لو أدركه جاز أن يجيء عليه, وجاز أن يكف عنه, فصار ملقى نفسه هو قاتلها دون طالبه؛ لأنه قد عجل إتلاف نفسه بدلًا مما يجوز أن لا يتلف به, فصار كالمجروح إذا ذبح نفسه.

والقسم الثاني: أن يكون المطلوب أعمى فيهرب من الطالب حتى يتردى من سطح أو جبل أو يقع من بئر أو بحر, فإن أعلم بالسطح والجبل والبئر والبحر فألقى نفسه بعد علمه كانت نفسه هدرًا كالبصير وإن لم يعلم بذلك حتى وقع فمات فعلى طالبه الدية دون القود, لأنه وإن لم يكن مباشرًا لإلقائه فقد ألجأه إليه, والملجئ إلى القتل ضامن كالقاتل, ألا ترى أن الشهود إذا شهدوا عند الحاكم على رجل بما يوجب القتل فقتله ثم بان أنهم شهدوا بزور ضمنوه دون الحاكم, لأنهم ألجئوه إلى قتله فتعلق الحكم بالملجئ دون المباشر.

والقسم الثالث: أن يكون المطلوب صبيًا أو مجنونًا, ففي ضمان ديتهما على الطالب وجهان مخرجان من اختلاف قول الشافعي في قصدهما للقتل هل يجري عليه حكم العمد أم لا؟

أحدهما: أنه يضمن ديتهما إذا قيل إنه لا يجري على قصدهما للقتل حكم للعمد.

والثاني: لا يضمن ديتهما إذا قيل: إنه يجري على قصدهما للقتل حكم العمد.

مسألة:

قال الشافعي رضي الله عنه: "ولو عرض له في طلبه سبع فأكله لم يضمن لأن الجاني غيره".

قال في الحاوي: وهذا صحيح يحتاج إلى تفصيل: فإذا اعترض الهارب المطلوب

<<  <  ج: ص:  >  >>