لو انتصب قائماً بعدما تذكر أنه تركه تبعه المأموم بكل حال، لأن متابعته واجبة والتشهد الأول نغل فيجب ترك النفل للفرض، وإن ذكر الإمام قبل أن يعتدل قائماً يرجع المأموم، لأن متابعته أولى من فرضه، كما لو أدركه في الركعة الأخيرة جالساً يلزم الجلوس معه اتباعاً، وإن كان يترك: فرض نفسه. وهذا هو المذهب.
وقال أبو حامد:"وفيه وجه آخر لا يرجع لأنه تقابل فرضان، وليس أحدهما أولى من الآخر". وهذا ضعيف، ولو انتصب الإمام دون المأموم، ورجع الإمام إلى الجلوس، فالذي يقتضيه المذهب أن المأموم يقوم، ولا يتابعه في الجلوس، لأن المأموم، وإن لم يكن انتصب فقد وجب عليه الانتصاب، لانتصاب الإمام، فإذا سها الإمام بالرجوع لم يسقط عن المأموم ما وجب من الانتصاب، ولا يتابع الأمام فيما ليس من صلاة الإمام.
فَرْعٌ آخرُ
لو صلى نافلة بنية ركعتين، فقام إلى ثالثة ناسياً لا خلاف بين العلماء أنه يجوز أن يتمها أربعاً، ويجوز أن يرجع إلى الثانية، ويجوز أن يكمل الثالثة، ويسلم. [١٤٨ أ / ٢] وأي ذلك فعل سجد للسهو، والأولى بمذهب الشافعي أن لا يمضي ويرجع إلى الثانية، ويسجد للسهو سواء كان في صلاة الليل، أو في صلاة النهار.
وقال بعض أهل العراق: الأولى أن يتمها أربعا، وقال ابن سيرين:"لا يسجد للسهو في النوافل"، وقيل: هذا قوله في "القديم"، وهو خطأ، لأنه نص في "القديم"، و"الجديد" على أنه يسجد للسهو في الفرض والنفل، وهذا لأن كل عبادة دخل الجبران في فرضها، دخل في نفلها كالحج، ولو قام إلى الثالثة عمداً، ولم ينو شيئاً بطلت صلاته، ولو غير نيته قبل أن يقوم، وصلى أربعا عامداً أجزأه، ولا سجود عليه كالمسافر إذا أتم بعل ما نوى القصر.
مسألة: قال: "وإن جلس في الأولى، فذكر قام وبنى، وعليه سجود السهو"، وهذا كما قال: إذا جلس في موضع قيامه، إما عقيب الركعة الأولى، أو عقيب الركعة الثالثة، فقد جلس في موضع جلة الاستراحة، فإن ابتدأ فقرأ التشهد في جلوسه سجد للسهو قليلا كان جلوسه أو كثيراً، ولا نعني بقراءة التشهد أن يقرأ جميعه، بل إذا أخذ في قراءته فالحكم كذلك، وإن لم يقرأ التشهد ننظر في قدر جلوسه، فإن كان قدر جلسة الاستراحة، فلا سهو عليه، وإن زاد على جلة الاستراحة سجد للسهو، لأن ذلك لو تعمده أبطل الصلاة.
وحكي عن علقمة والأسود أنهما قالا: لا يسجد للسهو ههنا لأن الجبران للنقصان